أمي وأبي منفصلان وأنا طفلة، وأنا أعيش مع أمي، وعمري الآن 22 سنة، ومخطوبة، وأبي قال: إنه لن يشتري لي أيَّ شيء في الجهاز. وأمي دائما تقول لي إنها غير ملزمة بأن تجهزني، وأن مسؤوليتي تقع على أبي، وأنا أقول لها: أنا أعيش معك أنت، فأكون ملزمة منك، فمن المسؤول عني حاليا، ويلزمه تجهيزي؟ علما بأني آخذ نفقة من أبي، وأعطيها لأمي.
قال مركز الفتوى بإسلام ويب: إن كان عندك مال يكفيك؛ فلا تجب نفقتك على أبيك، أو أمّك، أو غيرهما. وأمّا إذا لم يكن لك مال، وكان أبوك قادرا على الإنفاق عليك؛ فنفقتك واجبة عليه، ولا تجب نفقتك على أمّك، أو غيرها.
قال ابن قدامة -رحمه الله- في المغني: ومن كان له أب من أهل الإنفاق، لم تجب نفقته على سواه. انتهى.
وأمّا تجهيزك للزواج؛ فليس واجبا على أبيك؛ لكونه ليس من النفقة الواجبة، فالمسئول عن تجهيز بيت الزوجية هو الزوج.
لكن ينبغي على أبيك مراعاة العرف الجاري في تجهيز بنته بالمعروف، وينبغي على أمّك إن كانت قادرة أن تعين في تجهيزك؛ على سبيل الإكرام للبنت، والتعاون مع الزوج والتخفيف عليه.
المركز قال في فتوى سابقة: تجهيز بيت الزوجية من واجبات الزوج، وليس على الزوجة ولا على أهلها شيء من ذلك، ولو جرى العرف على خلاف ذلك لكان عرفاً فاسداً لأنه يصادم الشرع، والعرف المخالف للشرع لا اعتبار به.
لكن إذا رضي الناس بذلك فيما بينهم، دون إلزام من أحد الطرفين للآخر مع عدم رضاه، فهذا لا مانع منه، لكن إذا رفع الزوج المهر لزوجته فهل له الحق في مطالبتها بالجهاز على قدر ما أعطاها، أم أنها لا تجبر على ذلك؟
والجواب: أن الفقهاء اختلفوا في ذلك:
فمذهب الشافعي: عدم إجبار المرأة على الجهاز ولو قبضت المهر لأنه حق خالص لها، وهو المفهوم من نصوص الحنابلة، فلا تجبر هي ولا غيرها على التجهيز، فقد جاء في منتهى الإرادات: وتملك زوجة بعقد جميع المسمى، ولها نماء معين كدار والتصرف فيه. انتهى.
أما الحنفية: فقد نقل الحصكفي عن الزاهدي في القنية: أنه لو زفت الزوجة إلى الزوج بلا جهاز يليق به فله مطالبة الأب بالنقد، وزاد في البحر عن المنتقى: إلا إذا سكت طويلاً فلا خصومة له، لكن في النهر عن البزازية: الصحيح أنه لا يرجع على الأب بشيء، لأن المال في النكاح غير مقصود. انتهى.
ومفهوم هذا أن الأب هو الذي يجهز، لكن هذا إذا كان هو الذي قبض المهر، فإن كانت الزوجة هي التي قبضته فهي التي تطالب به على القول بوجوب الجهاز، وهو بحسب العرف والعادة.
وقال المالكية: إذا قبضت الحالّ من صداقها قبل بناء الزوج بها فإنه يلزمها أن تتجهز به على العادة من حضر أو بدو، حتى لو كان العرف شراء دار لزمها ذلك، ولا يلزمها أن تتجهز بأزيد منه، ومثل حال الصداق ما إذا عجل لها المؤجل وكان نقداً.
وإن تأخر القبض عن البناء لم يلزمها التجهيز سواء أكان حالاً أم حل، إلا لشرط أو عرف (أي فإنه يلزمها التجهيز للشرط أو العرف).
والراجح من هذا -والله أعلم- أن للزوج مطالبة الزوجة بالجهاز بمقدار ما دفع لها من مهر، أو وليها إن كان هو الذي تسلم المهر.
مركز الفتوى تابع قائلًا: أما بالنسبة لما يقوم به أهل البنت من تجهيزها، فقد اختلف فيه الفقهاء أيضاً، هل هو تمليك أم أنه على سبيل العارية.
فذهب الشافعية إلى أنها لا تملك الجهاز إلا بتمليك لها بصيغة، كأن يقول: هذا جهاز بنتي فيكون إقرار بالملك لها، وإلا فهو عارية، ويصدق بيمينه إذا ادعاه في حياتها أو بعد موتها، قال النووي في المنهاج: وفي الكافي أيضاً لو زوج بنته بجهاز لم تملكه إلا بإيجاب وقبول، والقول قوله إنه لم يملكها. انتهى.
وقال الحنابلة: إن تجهيز الأب ابنته أو أخته بجهاز إلى بيت زوجها تمليك.
وقال الحنفية: إذا جهز الأب ابنته من ماله دون أن يصرح أن هذا منه هبة لها أو عارية منه لها، وادعى بعد نقل الجهاز إلى دار الزوج أنه كان عارية، وادعت أنه كان تمليكاً بالهبة فالقول قولها إذا كان العرف يشهد بأن هذا الجهاز المتنازع عليه يقدمه الأب لابنته هبة منه.
وإن كان العرف جارياً بأن الأب يقدمه عارية فالقول قول الأب، وإن كان العرف متضارباً فالقول قول الأب إذا كان الجهاز من ماله، أما إذا كان مما قبضه من مهرها فالقول قولها، لأن الشراء وقع لها حيث كانت راضية بذلك، وهو بمنزلة الإذن منها، قال الحصكفي في الدر المحتار مع تنوير الأبصار: (جهز ابنته ثم ادعى أن ما دفعه لها عارية وقالت هو تمليك أو قال الزوج ذلك بعد موتها ليرث منه، وقال الأب)، أو ورثته بعد موته (عارية) فالمعتمد أن (القول للزوج، ولها إذا كان العرف مستمراً أن الأب يدفع مثله جهازاً لا عارية)، وأما (إن مشتركا) كمصر والشام (فالقول للأب) كما لو أكثر مما يجهز به مثلها.