"الحكومة.. أم العيال.. البيت.. الحاجة".. بعض من أسماء التي يطلقها الأزواج على زوجاتهم، سواء على هاتفه الخاص، أو حينما ينادي عليها بين الناس، بل هناك من ينادي على زوجته باسم ابنتهما، وكأنه يخجل من مناداتها باسمها.
على الرغم من أن زوجات النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم، وهن أطهر النساء وأشرفهن، كن ينادين بأسمائهن بشكل عادي، فهذه خديجة وهذه عائشة وهذه زينب، وهكذا، وكلهن أمهات المؤمنين، بل تعرف خديجة باسم خديجة بنت خويلد، وعائشة بنت أبي بكر، وهكذا، أي تنسب لأبيها، حتى وهي زوجة رسول الله صلى الله عليه وسلم، بينما الآن للأسف كثير من الأزواج يقلل من زوجته، أو يخجل منها، وربما يصفها باسم (ساخر) على تليفونه الخاص، فهل يُعقل ذلك؟.
بنت الأكرمين
ويذكر أن سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان دائمًا ما ينادي زوجته يا بنت الأكرمين ، كان يكرمها ويكرم أهلها، ويروى أنه في إحدى الليالي كان سيدنا عمر يدور حول المدينة ليتفقد أحوال الرعية ، فرأى خيمة لم يرها من قبل فأقبل نحوها متسائلا ما خبرها .. فسمع أنينا يصدر من الخيمة فازداد همّه ، ثم نادى فخرج منها رجل .. فقال من أنت؟، فقال: أنا رجل من إحدى القرى من البادية وقد أصابتنا الحاجة فجئت أنا وأهلي نطلب رِفد عمر ، فقد علمنا أن عمر يرفد ويراعي الرعية .. فقال عمر: وما هذا الأنين؟، قال: هذه زوجتي تتوجع من ألم الولادة.. فقال: وهل عندكم من يتولى رعايتها وتوليدها؟..قال: لا!! انا وهي فقط ..!!.. فقال عمر: وهل عندك نفقة لإطعامها ؟.. قال: لا.. قال عمر: انتظر أنا سآتي لك بالنفقة ومن يولدها ..
وهنا، ذهب سيدنا عمر إلى بيته وكانت فيه زوجته سيدتنا أم كلثوم بنت علي بن أبي طالب رضي الله عنه، فنادى: يا ابنة الأكرمين .. هل لك في خير ساقه الله لك ؟، فقالت: وما ذاك ؟، قال: هناك مسكينة فقيرة تتألم من الولادة في طرف المدينة، فقالت: هل تريد ان أتولى ذلك بنفسي؟، فقال: قومي يا ابنة الأكرمين واعدي ما تحتاجه المرأة للولادة، وقام هو بأخذ طعام ولوازم الطبخ وحمله على رأسه وذهبا .. وصلا إلى الخيمة ودخلت أم كلثوم لتتولى عملية الولادة وجلس سيدنا عمر مع الرجل خارج الخيمة ليعد لهم الطعام.
اقرأ أيضا:
السؤال الأكثر شيوعًا بين الشباب.. هل الحب حرام؟آل بيت النبوة يولدون زوجتي؟
وبعد قليل، خرجت أم كلثوم من الخيمة تنادي: يا أمير المؤمنين أخبر الرجل أن الله قد أكرمه بولد وأن زوجته بخير ، عندما سمع الرجل منها (يا أمير المؤمنين) تراجع إلى الخلف مندهشًا فلم يكن يعلم أن هذا عمر بن الخطاب، فضحك سيدنا عمر، وقال له: اقرب .. أقرب.. نعم أنا عمر بن الخطاب والتي ولدت زوجتك هي أم كلثوم ابنة علي بن ابي طالب .. فخرّ الرجل باكيًا وهو يقول: آل بيت النبوة يولدون زوجتي؟ وأمير المؤمنين يطبخ لي ولزوجتي ؟، فقال عمر: خذ هذا وسآتيك بالنفقة ما بقيت عندنا.
عزيزي المسلم، هذا هو المنهاج الذي أخذوه من سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ، فما كانت رفعة عمر بمجرد صلاة وصيام وقيام ، ولا فتوحات فتحها في الأرض .. بل كان له قلب خاضع خاشع متواضع منيب وأواب ، يقيم العدل والحق في الأرض ، ويحاسب نفسه قبل أن يحاسبه الله يوم القيامة.