كثيرة هي وصايا الرسول الأكرم صلى الله عليه وسلم لنا، ولكن لعل من أعظم هذه الوصايا (الخُلق الحسن)، إلا أنه للأسف في زماننا هذا، بات حسن الخلق شيء نادر الوجود، قلما يتصف به البعض، ما زاد الشحناء والصراعات بين الناس دون داعٍ.
عن مالك أن معاذ بن جبل رضي الله عنه، قال: آخر ما أوصاني به رسول الله صلى الله عليه وسلم، حين وضعت رجلي في الغرز أن قال: «أحسن خلقك للناس يا معاذ بن جبل».. ويقول معاذ كان آخر ما قاله لي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، عندما وضعت رجلي في الغرز ، والغرز هو هذا المكان الذي يضع فيه الفارس رجله من أجل ركوب الخيل ، بمّ أوصاه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ؟ أحسن خُلقك للناس يا معاذ ، يأمره بحسن الخلق ورسوله الله صلى الله عليه وآله وسلم، يدعونا إلى حُسن الخلق حتى أنه لخص دعوته ورسالته كلها في الأخلاق وقال: (إنما بُعثت -وإنما عند العرب للحصر يعني الشيء الوحيد الذي من أجله بعثت -، إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق )، شيء كبير عظيم هو حسن الخلق.
أحسن الحسن
وهناك حديث يرويه المحدثون فيه لطافة رواه الحَسن عن أبي الحسن ، عن جد الحسن ،( الحسن بن علي أخو الحسين . سيدنا علي أبو الحسن . جد الحسن هو المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم ) يقول فيه «أحسن الحسن الخلق الحسن»، فأصبح حديثا كله حُسن يسمى المسلسل بالحسن، فإذا حُسن الخلق على قمة الأخلاق الكريمة في العلاقات الاجتماعية «وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ»، أي أن قولنا للناس حسنا قبل الصلاة، عليك أن تكون وردة يشمها الناس من حسنها ويلتف حولها الناس.
وفي ذلك يقول النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم: «أقربكم مني مجلسًا يوم القيامة أحاسنكم أخلاقاً الموطؤون أكنافا ، الذين يألفون ويؤلفون»، لا يضعون بينهم وبين الناس حُجبا ، لا يضعون بينهم وبين الناس ساترا بل إنهم يألفون الناس ويتبسطون إليهم مهما كان صاحب سلطة أو صاحب مال أو صاحب جاه أو صاحب علم.
اقرأ أيضا:
السؤال الأكثر شيوعًا بين الشباب.. هل الحب حرام؟أعظم الوصايا
وهذا سيدنا معاذ وهو يسافر إلى اليمن يوصيه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، بحسن الخلق والسؤال ما هو حسن الخلق الذي سوف يتخذه معاذ مع أهل اليمن ؟ قال له رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «بشروا ، -إذ كان يحب التفاؤل في كل شيء- ولا تنفروا ويسروا ولا تعسروا».
إذن حُسن الخلق في التبشير لا في التنفير.. حُسن الخلق في التيسير لا في التعسير، وهذا فقدته النابتة المتشددين في عصرنا هذا ، أناس اتخذوا الشدة مبدأ وطريق ، اتخذوا التنفير والتعالي مبدأ لهم والرسول صلى الله عليه وآله وسلم، يقول: « لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال حبة من خردل من كبر»، وفي الحديث القدسي يقول المولى عز وجل: «الكبرياء ردائي والعظمة إزاري فمن نازعني أحدًا منها أخذته ولا أبالي».