من العادات التي درج الناس عليها ، أن يكون بيت الزوجية (ملكًا للزوج)، وهو أمر على الورق قد يكون صحيح، إذ أنه بالتأكيد منزل الزوجية هو المنزل الذي أعده الزوج لذلك، لكن ما لا يعرفه كثير من الأزواج أن هذا المنزل، إنما بمجرد دخول الزوجة أصبح ملكًا لها، وبات هو مجرد ضيف فيه.. فقد يكون من المعلوم أن الرجل مالك بيته.
ولكن الرجل في الحقيقة يسكن عند زوجته، تأكيدًا لقوله تعالى: «وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ»، ولو نظرنا إلى قول (لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا)، لعلمنا أنها بالفعل بيوت زوجاتكم … فمن كنوز القرآن الكريم، قوله تعالى: « لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ »، فلماذا نسب الله عز وجل البيت إلى المرأة رغم أنه مِلكًا للرجل؟.
خاطر المرأة
لو تدبرنا القرآن الكريم، سنجد أن الله عز وجل طيّب خاطر النساء وراعى مشاعرهن في الكثير من الآيات، حيث منحهن قدرًا عظيمًا من الاهتمام والاحترام والتقدير، قال تعالى : « وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَنْ نَفْسِه » ﴿٢٣ يوسف﴾، فنجد امرأة العزيز تراود يوسف وتهم بالمعصية ورغم ذلك لم يقل الله عز وجل وراودته امرأة العزيز، أو وراودت امرأة العزيز يوسف في بيته، وإنما نسب ملكية البيت إليها هي.
أيضًا يقول المولى عز وجل في كتابه الكريم: « وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَىٰ » (٣٣ الأحزاب)، وقال تعالى: « وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَىٰ فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ » ﴿٣٤ الأحزاب﴾، فما أعظمك يا الله .. أليست هذه البيوت ملكًا للنبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم، ولكنها نُسبت لنسائه .. وما ذلك إلى لكرم الله معهن وتطييبًا لخاطرهن، بل أنه حتى في أوقات الطلاق وحين يشتد النزاع وتصل الأمور إلى الطلاق الرجعي هو بيتها، فقد قال تعالى: «يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِن بُيُوتِهِنّ » ﴿١ الطلاق ﴾ .
اقرأ أيضا:
السؤال الأكثر شيوعًا بين الشباب.. هل الحب حرام؟ليس بيتها
ولكن كانت هناك آية واحدة لم يُنسب فيها البيت للمرأة وهي قوله تعالى: « وَاللاَّتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِن نِّسَآئِكُمْ فَاسْتَشْهِدُواْ عَلَيْهِنَّ أَرْبَعةً مِّنكُمْ فَإِن شَهِدُواْ فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّىَ يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللّهُ لَهُنَّ سَبِيلاً » ﴿١٥ النساء﴾، ذلك أنه عندما تأتي المرأة بالفاحشة وبشهادة أربعة شهود عدول لا ينسب البيت لها.. فالآن يسحب الله تكريمه لها.. فأي جمال ودقة في آيات الله فسبحان من كان هذا كلامه.
إذن عزيزي الزوج، اتق الله في زوجتك وإياك أن تسيء إليها وتذكرها كل فترة بأنها تعيش في كنفك ومنزلك، لأن الله أكرمها ونسب إليها حق المنزل، فلا تنافي الحق الذي منحه الله لها.