جميعنا ذاق مرارة فقد عزيز عليه، لكن كثيرًا منا ينسى أو تشغله الحياة عن أن يتذكر هذا العزيز، ولو بالدعاء، أو بصدقة تفيده وهو بين يدي الله عز وجل.
فقد اتفق العلماء على قبول الصدقة عن المتوفي، واحتجوا بأحاديث كثيرة منها حديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: أن رجلاً قال للنبي الأكرم صلى الله عليه وسلم، إن أمي افتلتت نفسها وأراها لو تكلمت تصدقت، فهل لها أجر إن تصدقت عنها؟ قال: ( نعم ). متفق عليه… وفي ذلك يقول الإمام الشوكاني رحمه الله : إن الحديث يدل على أن الصدقة من الولد تلحق الوالدين بعد موتهما، ويصل إليهما ثوابها، فيخصص عموم قوله تعالى: «وَأَن لَّيْسَ لِلْإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَى».
هكذا تصل الصدقة للمتوفى
أما كيف تصل الصدقة إلى المتوفى، فقد أكد الإمام النووي رحمه الله، الإجماع على وصول ثواب الصدقة، ويدخل في ذلك صنيعة الطعام وغيره، فكل ذلك من البر، أما ما رواه الإمام أحمد بسند صححه الألباني في أحكام الجنائز عن جرير قال: كنا نعد الاجتماع إلى أهل الميت وصنعة الطعام بعد دفنه من النياحة.. ومن ثمّ فإن في هذا الأثر أن المحظور هو صنع الطعام بعد الدفن، لأن فيه مشقة على أهل الميت على ما هم فيه من الحزن، ولما فيه من مخالفة السنة وهو قول النبي صلى الله عليه وسلم: «اصنعوا لآل جعفر طعامًا فقد أتاهم ما يشغلهم».
ومن أفضل الصدقات عن الميت، ( سقي الماء )، كما صح عن النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم، فقد روى الإمام أحمد وأصحاب السنن عن سعد بن عبادة رضي الله عنه قال: قلت: يا رسول الله إن أمي ماتت أفأتصدق عنها؟ قال: نعم، قلت: فأي الصدقة أفضل؟ قال: ( سقي الماء ).
اظهار أخبار متعلقة
أنواع الصدقة
إذن، فإن من أفضل ما تتصدق به عن أبيك أو أمك أو أي عزيز لديك، هو توفير الماء بحفر بئر أو ما أشبه ذلك في الأماكن الفقيرة التي يحتاج أهلها إلى الماء، كما أرشد النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم، سيدنا سعد رضي الله عنه فقد كانت سقايته معروفة بالمدينة كما روى الإمام أحمد وغيره.
ولعل من أنواع الصدقة الجارية والأعمال الفاضلة بناء المساجد لمن يحتاج إليها من المسلمين، فقد روى الإمام أحمد وابن ماجه وغيرهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من بنى مسجدا لله ولو كمفحص قطاة أو أصغر بنى الله له بيتا في الجنة»، وأما الصدقة بالمال أو الحج عنه وهو قد حج فهما من الأعمال الفاضلة ولكنهما لا يعتبران من الصدقة الجارية التي يدوم ثوابها للميت