نذرت في حال حدوث شيء أنني سأذبح خروفا لوجه الله، ولكن لم أفكر لأي غرض سأستخدمه. بعدها فكرت في أن أعمله وليمة للأقارب؛ لتقوية صلة الرحم، فهل هذا خطأ؛ لأنني عندما نذرت، لا أعرف، هل يجب أن يكون النذر للفقراء، أم للأقارب؟ وهل يحل لي أن آكل منه؟
الإجابــة:
تبين لجنة الفتوى بإسلام ويب أنه ما دمت لم تنو حين نذرت مصرفا معينا للذبيحة، فإنها تصرف للفقراء، والمساكين، ولا تصرف لغيرهم، فلا يأكل الأقارب غير الفقراء منها.
قال ابن تيمية، كما في الفتاوى الكبرى: ولو نذر الصدقة بمال، صرفه مصرف الزكاة.
وجاء في كشاف القناع للبهوتي الحنبلي: ومَصْرِفُهُ، أيْ النذر المُطْلَقِ لِلْمَساكِينِ، كَصَدَقَةٍ مُطْلَقَة. ا
وفي الحاوي الكبير للماوردي الشافعي: فلو أطلق من نذر نحره لهم انصرف إلى الفقراء، والمساكين دون الأغنياء؛ لاختصاصهم بالقرب. وجاز أن يصرف في ستة أصناف، في مستحقي الزكاة من الفقراء، والمساكين، وفي الرقاب، والغارمين، وفي سبيل الله، وابن السبيل، وسقط منهم صنفان: العاملون عليها، والمؤلفة قلوبهم.
وتضيف: وأما أكل الناذر من ذبيحته المنذورة: فهو محل خلاف بين الفقهاء، والأحوط عدم الأكل؛ خروجا من الخلاف وعليه فإذا نوى الناذر بنذره جهة معينة كأن نذر للفقراء والمساكين أو للقرابات ونحو ذلك تعين عليه صرف نذره في الجهة التي نواها، ودليل هذا واضح وهو قوله صلى الله عليه وسلم:إنما الأعمال بالنيات. وأما إذا لم تكن له نية، بل نذر نذرا مطلقا أو معلقا على شرط دون أن ينوي جهة معينة، فهل له أن يأكل من هذا النذر أو لا؟ في ذلك خلاف بين العلماء وليس في المسألة نص من السنة، ولذا اختلفت اجتهادات العلماء، فأجاز المالكية الأكل مما كان من هذا القبيل مما لم يعين للمساكين بلفظ أو نية، ومنع ذلك غيرهم، جاء في الموسوعة الفقهية: وفي النذر لا يجوز للناذر الأكل من نذره، لأنه صدقة، ولا يجوز الأكل من الصدقة، وهذا في الجملة، لأن الأضحية المنذورة فيها خلاف على ما سبق بيانه، وكذلك النذر المطلق الذي لم يعين للمساكين ـ لا بلفظ ولا بنية ـ يجوز الأكل منه، عند المالكية وبعض الشافعية.
ومأخذ من منع من الأكل من النذر هو أن النذر يسلك به مسلك واجب الشرع، فهو ملحق بجزاء الصيد ودماء الجبران في الحج مما لا يجوز الأكل منه، قال في تحفة المحتاج: ولا يَجُوزُ الْأَكْلُ مِنْ نَذْرِ الْمُجَازَاةِ قَطْعًا لِأَنَّهُ كَجَزَاءِ الصَّيْدِ وَغَيْرِهِ مِنْ جُبْرَانِ الْحَجِّ.
ولأن الناذر قد أخرج ما نذره من ملكه وجعله لله فلا يأكل منه إلا بنية، قال ابن قدامة في المغني: وَعَنْ أَحْمَدَ، أَنَّهُ لَا يَأْكُلُ مِنْ الْمَنْذُورِ وَجَزَاءِ الصَّيْدِ، وَيَأْكُلُ مِمَّا سِوَاهُمَا، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عُمَرَ، وَعَطَاءٍ، وَالْحَسَنِ، وَإِسْحَاقَ، لِأَنَّ جَزَاءَ الصَّيْدِ بَدَلٌ، وَالنَّذْرُ جَعَلَهُ لِلَّهِ تَعَالَى بِخِلَافِ غَيْرِهِمَا. انتهى.
ولعل القول بعدم جواز الأكل من النذر أرجح، وهو بلا شك أحوط وأبرأ للذمة، جاء في فتاوى اللجنة الدائمة: من نذر نذرا يترتب عليه إطعام طعام فالأصل أن الناذر لا يأكل من نذره إلا أن يشترط أو ينوي أن يأكل من نذره، فإنه يباح له الأكل كما اشترط أو نوى.