حلقة 23: منزلة المحبة: كيف تذوب شوقًا فى حب الله؟ معانى مؤثرة وبشريات رائعة
قال الدكتور عمرو خالد، الداعية الإسلامي، إن الحب هو أصل كل شيء في هذا العالم، موضحًا أن الكون بُني على الحب، والله لم يخلقنا سوى لأنه يحبنا، ونحن نعبده لأننا أحببناه.
وأضاف في الحلقة الثالثة والعشرين من برنامجه الرمضاني "منازل الروح"، إن "منزلة المحبة هي المنزلة السابعة والأخيرة من منازل الروح السبعة، وهي المنزلة التي لا تقوم بقية المنازل سوى بها، التقوى بدون حب ستكون خوفًا، العبودية بدون حب هي خضوع، التوكل الرضا لا يكون إلا بالحب، أنت تحبه فترضا بقدره، وهلم جرًا".
كيف تملأ قلبك بمحبة الله؟
أولًا: كثرة ذكر الله، يقول الله سبحانه وتعالى: "فاذكروني أذكركم"، أتريد أن يذكرك؟ أتريد أن تحبه؟ اذكره قدر استطاعتك، قل "لا إله إلا الله من قلبك"، اجعل لك وردًا يوميًا تذكره من خلاله. أعدك أنك إذا التزمت بذكره يوميًا ولمدة أسبوع، فستجد قلبك يهتف بحبه، أنا حدث هذا معي، ظللت أذكر بـ "لا إله إلا الله"، يوميًا لمدة أسبوع، وإذا بي أفاجأ بقلبي ينبض بحبه، يهتف من أعماقه: أحبك يا رب!
ثانيًا: اجبر بخاطر عباده، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "ما عبد الله بشيء أفضل من جبر الخواطر"، اجبر خواطر عباده يجبر الله خاطرك ويقربك منه ويرزقك بحبه!
ثالثًا: ادعُ الله أن يرزقك حبه، داوم على أن تدعو الله بدعاء: اللهم ارزقني بحبك وحب من أحبك وحب عمل يقربني إلى حبك.
رابعًا: اتقِ الله: اجعل تقوى الله نصب عينيك، فإن فعلت أوصلك لله لحبه.
محبة الله لك
واستشهد بما ورد في الحديث القدسي، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: إن الله تعالى إذا أحب عبدًا دعا جبريل، فقال: إني أحب فلانًا فأحببه، فيحبه جبريل، ثم ينادي في السماء، فيقول: إن الله يحب فلانًا فأحبوه، فيحبه أهل السماء، ثم يوضع له القبول في الأرض، وإذا أبغض عبدًا دعا جبريل، فيقول: إني أبغض فلانًا فأبغضه. فيبغضه جبريل، ثم ينادي في أهل السماء: إن الله يبغض فلانًا فأبغضوه، ثم توضع له البغضاء في الأرض".
واعتبر أنه "ليس عجيبًا أن يحب عبدًا سيده، لكن العجيب أن يحب السيد عبده، العجيب أن مالك الملك يحبنا نحن!، إذ يقول الله في الحديث القدسي: "إني والإنس والجن في نبأ عظيم، أخلق ويُعبد غيري، أرزق ويُشكر سواي، خيري إلى العباد نازل، وشرّهم إليّ صاعد، أتودد إليهم بالنعم وأنا الغني عنهم، ويتبغّضون إليّ بالمعاصي وهم أفقر ما يكونون إليّ، أهل ذكري أهل مجالستي، من أراد أن يُجالسني فليذكرني. أهل طاعتي أهل محبتي. أهل معصيتي لا أقنطهم من رحمتي، إن تابوا إليّ فأنا حبيبهم، وإن أبَوا فأنا طبيبهم، أبتليهم بالمصائب لأطهّرهم من المعايب، من أتاني منهم تائبًا تلقّيته من بعيد، ومن أعرض عني ناديته من قريب، أقول له: أين تذهب؟ ألك رب سواي؟ الحسنة عندي بعشرة أمثالها وأزيد، والسيئة عندي بمثلها وأعفو، وعزتي وجلالي لو استغفروني منها لغفرتها لهم".
وعلق خالد متسائلاً: "ما الذي تريده بعد هذا الحديث القدسي؟ ما كل هذا الود من ملك الملوك؟ ما كل هذا التقرب والمحبة التي يوليها لنا، ونحن نعصيه ليل نهار ولا نشكره حق شكره ولا نحبه حق محبته؟".
ونقل عن ابن الجوزي قوله، إن بعض أحبار بني إسرائيل قال: يا رب، كم أعصيك ولا تعاقبني؟ فلما نام سمع صوتًا يقول له: كم أعاقبك وأنت لا تدري؛ أليس قد حرمتك حلاوة مناجاتي؟
وأوضح خالد أن "العقوبة هنا أصبحت من خلال المحبة والحرمان منها! ألا تجد نفسك أحيانًا ثقيلًا لا تقوى على العبادة أو الدعاء أو المناجاة؟ هذه قد تكون عقوبة يعاقبك الله بها، أن حرمك من لذة مناجاته والقرب منه!".
وأورد نص الحديث القدسي الذي جاء فيه: "من ذكرني في نفسِه ذكرتُه في نفسي ومن ذكرني في ملأٍ ذكرتُه في ملأٍ خيرٍ منه، ومن تقرَّبَ إليَّ شبرًا تقربْتُ منه ذراعًا ومن تقرَّبَ إلي ذراعًا تقربتُ منه باعًا، ومن أتاني يمشي أتيتُه هرولة".
وعقب خالد بالقول: "أترى كيف يعاملك الله؟ يعاملك بخيرٍ مما تعامله، ينتظرك فقط أن تقترب منه ليقترب منك أكثر، من يفعل هذا مع من يحبهم؟".
وتساءل مستنكرًا: "كيف أوهموك أن الوصول إلى الله صعب وأنك بعيد؟ كيف أوهموك أنه غاضب عليك دومًا ولا يريدك؟، ألم تقرأ قول الله تعالى: "نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم، وأن عذابي هو العذاب الأليم"، ويقول: "قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله، إن الله يغفر الذنوب جميعًا إنه هو الغفور الرحيم"، ويقول: "ألم يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ".
وتابع: "الله قريب منك، يشعر بك ويحبك ويعفو عنك، ينتظرك فقط أن تُبدي رغبة في القرب منه ليقربك منه".
نماذج لأشخاص أحبهم الله
والتقى النبي صلى الله عليه وسلم بأبي بن كعب فقال له: "إنَّ اللهَ قد أمَرَني أنْ أُقْرئَك القرآنَ". فقال أبي: آللهُ سَمَّاني لك؟ قال: نعَمْ، فجعَلَ يَبْكي! عندما وجد أنه الله انتبه له وذكر اسمه تحببًا، بكى حبًا واشتياقًا إلى الله!
وعندما استشهد عبد الله بن حرام في غزوة أحد، حزن ابنه جابر عليه، وفي ذات يوم لقيه رسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ فقال: يا جابرُ ما لي أراكَ منكسِرًا؟ قال: يا رسولَ اللَّهِ استُشهِدَ أبي وترَك عليهِ دينًا وعيالًا. فقال النبي: ألا أبشِّرُك بما لقيَ اللَّهُ بهِ أباكَ؟ إنَّ اللَّهَ لم يُكلِّم أحدًا من خلقِه قطُّ إلَّا من وراءِ حجابٍ، وإنَّ اللَّهَ أحيا أباكَ فَكلَّمَه كفاحًا وقالَ يا عبدي تمنَّ عليَّ ما شئتَ أعطيكَ، قال: تردَّني إلى الدُّنيا فأقتلُ فيكَ، فقال تبارَك وتعالى: لا إنِّي أقسمتُ بيمينٍ أنَّهم إليها لا يُرجَعونَ. ثم أنزل الله الآية الكريمة التي تقول: "وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ".
كيف تعرف أن الله يحبك؟
أولًا: إذا وفقك لطاعته، إذا وجدت نفسك ميسرًا لطاعته، اعلم أنه إنما وفقك لأنه يحبك.
ثانيًا: أن يعينك على فعل الخير، أن يوفقك لخدمة عباده، ويجعل الناس يلجأون إليك لتساعدهم.
ثالثًا: إذا استعملك في خدمة دينه، فإذا أردت أن تعرف مقامك فانظر أين أقامك، أين وضعك، هل أنت مثال وقدوة حسنة للناس أم لا.
رابعًا: أن يعينك على تقواه، إذا وجدت نفسك تتقيه فاعلم أنه يحبك.
مقاطع
برامج اخري
برنامح أسرار أدعية القرآن - الجزء الثاني
برنامج أسبوعي يقدمه د. عمرو خالد يتناول فيه أدعية القرآن الكريم لما لها من أسرار كثيرة لا يعلمها الكثيرون وهي جديرة بالتأمل والتفكر فلكل دعاء من أدعية القرآن أسرار وحكم.
بودكاست معاني - دكتور عمرو خالد
بودكاست معاني - دكتور عمرو خالد