أخبار

فوائد مذهلة للزغفران: يكافح الاكتئاب ويعزز الصحة الجنسية

دون تجويع نفسك.. "الصيام المزيف" يساعدك على مكافحة التقدم في السن وفقدان الوزن

متعجل بعد أن أنهيت صلاتك؟.. أذكار رددها في طريقك

هلك المتنطعون.. فمن هم وما صفاتهم؟

الأدب.. أشد ما يحتاجه البشر وعنوانك الحقيقي

صلاة تحرمك على النار وأخرى تنال بها الرحمة

العلم والدين.. لماذا لم تتدخل السماء في المسائل التجريبية؟ ولماذا تراجع الرسول عن اجتهاده؟ (الشعراوي يجيب)

كيف تستحق الأجر وأنت متشكك؟!.. اليقين طريقك لمرضاة الله.. هذه صوره وثمراته

أزل الحواجز مع الله القريب "ونحن أقرب إليه من حبل الوريد".. معانى ومشاعر صادقة

الفرق بين المعجزة والكرامة وإثبات كرامات الأولياء؟

زهد "حمّال" يذهل نجل الخليفة المأمون

بقلم | عامر عبدالحميد | السبت 01 اغسطس 0020 - 03:00 م

كان الخليفة العباسي المأمون يحب ابنه "عليا"، ويقدمه على جميع أولاده وكان من أحسن الناس وأجملهم مع أدب وفصاحة.
يقول من عاصره: وكنت إذا دخلت الدار أميل إليه فأسلمّ عليه فأرى معه حياء وبشاشة ولا أرى فيه كبرا ولا عزا يضاحك خدمه ويلاطف جلساءه ثم أسخى من رأت عيناي وأحسنه خلقا وأطيبه نفسا وكنت إذا رأيته لا أكاد أصرف وجهي عنه من حسنه وجماله.

إقباله على الزهد:


وكان سبب تزهده فيما أخبرني به شاكر مولاه قال: كان في يوم صائف شديد الحر له سموم في قبة الجيش فأتاه يمن الخادم فقال: يا سيدي، أمير المؤمنين يدعوك قد دعا بطعامه وهو ينتظرك قال: ويحك الحر شديد ويؤذيني وأكره الخروج فارجع فأعلمه أنك وجدتني نائما فمضى فلم يكن بأسرع من أن رجع.
 فقال: قد قال: ادخل عليه ونبهه - وكان لا يصبر عنه ساعة - فقام وهو كاره فحضر الطعام.
ثم قعد أمير المؤمنين للشراب مع ندمائه فقام علي وخرج من المجلس وكان لا يشرب شيئا من الأنبذة فانصرف إلى قصره وأمر أن يفرش له في بعض مستشرفه على دجلة وألقى فيه الماء والثلج وقعد على سرير ينظر إلى الناس وإلى دجلة ودعا بجواريه وندمائه.

قصة الحمّال الزاهد:


فبينما هو كذلك إذ نظر إلى حمّال قد أقبل عند منتصف النهار عليه ملحفة صوف بيضاء بالية بلا قميص تحتها ولا سراويل عليه وقد شد على رجليه خرقا من الحر ولبس نعلين متخرقين وعلى رأسه خرقة، حيث قعد في بعض السفن والأمير ينظر إليه مستشرف عليه لا يصرف بصره عنه فوضع طبقه وخلع نعليه وألقى الخرق عن رجليه ودنا من دجلة وغسل يديه ورجليه وانصرف إلى موضعه فأخرج جرابا له ففتحه وأخرج منه كسرا يابسة مختلفة الألوان وأخرج منه قصعة خشب فغسل قصعته وجعل فيها ماء وألقى تلك الكسر في الماء الذي في القصعة ثم أخرج صرة ففتحها وأخرج منها ملحا فنثره على الخبز وقليل من الزعتر وتركها مقدار ما بلّ الكسر ثم تربع على الرمل وسمى الله تبارك وتعالى وأكل أكل رجل يشتهي الطعام وهو مع ذلك يشكر الله تعالى.
وفعل الرجل كل ذلك، والأمير عيناه إليه حتى فرغ وغسل القصعة فردها إلى جرابه مع لقيمات بقيت وشد خرقة الملح ودنا من الشط فاغترف بكفيه من الماء وقال: يا سيدي ومولاي لك الحمد على هذه النعمة التي تفضلت بها علي فلك الحمد على أياديك عندي فلك الحمد ولك الشكر.
ثم وضع رأسه، وتمدد على الرمل ساعة ثم قام فتهيأ للصلاة وقام يصلي للزوال.

اقرأ أيضا:

الشيخ عبدالباسط عبدالصمد.. "صوت مكة" الذي تغنى بالقرآن

لقاؤه بالأمير:


فقال الأمير للغلمان الوقوف عنده: ليذهب بعضكم إلى الرجل القائم المصلي فيأتيني به مع طبقه ولا يرعبه وعليه باللطف حتى يأتيني به.
فمضى بعض الغلمان فأتاه فأقام عنده حتى سلم ثم قال له: قم معي حتى تحمل لي متاعا من قصر الأمير.
 فقال: اطلب غيري فإني في غاية التعب، قال: الموضع قريب والحمل خفيف قال: يا حبيبي، قد عرفت ذلك وأنت تصيب غيري فاعفني فإني أكره دخول الدار قال: لا بد منه فإن قمت وإلا أقمت وغلظ له في الكلام.
 فقام الرجل وحمل الطبق وقرأ: " وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم".. " فعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا".
فأدخله الغلام القصر ثم أصعده حتى أوقفه بين يدي الأمير على هيئته فأمره بالقعود فقال له الندماء: أيها الأمير، من هذا حتى تأمره بالقعود مع وسخه ونجاسته؟ قال: اسكتوا.
 ثم قال: من أهلها أنت؟ قال: نعم قال: ما صناعتك؟ قال: ما ترى الحمل قال: وكم عيالك؟ قال: نحن عيال الله لي والدة عجوز مقعدة وأخت عمياء تعاني من مرض مزمن، قال: فأهل وولد؟ قال: مالي أهل ولا ولد.
قال: فكم يكون الكسب؟ قال: على قدر ما أرزق إلا أنه لا يمضي يوم إلا ونحن في كفاية من فضل الله تعالى قال: فتطيق الحمل كل يوم؟
قال: إذا صليت الفجر خرجت فتعرضت للرزق إلى وقت الزوال ثم أتفرغ لنفسي إلى فراغي من صلاة العصر وأرح نفسي من العصر إلى الليل قال: أفليس تكون بالليل مرتاحا؟ قال: إن أرحت نفسي بالليل تركني فقيرا يوم القيامة.
ففطن لها علي فقال: إني رأيتك تأكل وحدك كيف لا تأكل مع والدتك وأختك؟ قال: إنهما يصومان فأجعل عشائي مع فطرهما.
قال: أخرج الكسر ففتح جرابه فأخرج منه كسرا يابسة أسود وأحمر وأبيض فنظر إليها الأمير ساعة يتأملها متفكرا ثم قال: يا شاكر ايتني بخمسة آلاف درهم صحاح فأدفعها إليه ليصلح بها حاله.
قال: أيها الأمير، أنا غني عنها لا حاجة لي فيها فجهد به على أن يأخذها فأبى.
قال الأمير: فلي إليك حاجة قال: ما حاجة مثلك إلى مثلي؟ قال: في حاجة مهمة فأخذ بيده فأدخله بعض غرفه وخلا معه وقال: هذا، قد عرفت حالي وقصتي وموضعي وما أنا فيه من هذا الملك نعيم الدنيا ولذاتها فادع الله تبارك وتعالى أن يزهدني في الدنيا يرغبني في الآخرة.
فقال له: الحمال يا حبيبي، مالي عند الله من المنزلة أدعوه إلا أن بعض الحكماء يقول: من خاف شيئا أدلج افرض إلى نفسك كل يوم وساعة شيئا معلوما من خصال الخير فإنك إذا فعلت لك جاءتك العزيمة بالعون من الله تعالى على ذلك ولا تؤخر عمل يومك لغد ولا تكلف نفسك ما لا طاقة لها به وأكثر ذكر الموت فإن ذكره يكثر القليل ويقلل الكثير وعليك بتقوى الله تعالى وطاعته واجتناب معاصيه ثم رفع يديه وطأطأ رأسه ودمعت عيناه.
 وقال: يا من رفع السماء بقوته ودحا الأرض بمشيئته وخلق الخلائق بإرادته واستوى على العرش بقدرته يا مالك الملك وجبار الجبابرة وإله العالمين ومالك يوم الدين، أسألك برحمتك وجودك وقدرتك أن تخرج حب الدنيا من قلب عبدك عبد الله علي وتوفقه لطاعتك من الأعمال التي تقر به إلى مرضاتك وتجنبه معاصيك وتختم لنا وله برضوانك وعفوك يا أرحم الراحمين.
قال: فدمعت عينا علي وبكى فأكثر.
ثم قال للحمال: لو قبلت منا شيئا، قال: لا أريده وحاجتي أن تعجل سراحي.
فأمره بالخروج فخرج الحمال. وانصرف الأمير إلى موضعه وهو متفكر قد ذهب نشاطه.


الكلمات المفتاحية

الخليفة العباسي المأمون قصة الحمّال الزاهد الإقبال على الزهد

موضوعات ذات صلة

الأكثر قراءة

amrkhaled

amrkhaled كان الخليفة العباسي المأمون يحب ابنه "عليا"، ويقدمه على جميع أولاده وكان من أحسن الناس وأجملهم مع أدب وفصاحة.