أنا زوجة لرجل متدين منذ 20 سنة، تزوجته فقيرًا، معدمًا، وما حببني فيه سوى حبه لله ورسوله ورغبتي في إنشاء بيت مسلم على طاعة الله.

ومنذ ذلك الحين وأنا معه على الحلوة والمرة، لم أشتكي فاقة مررنا بها ولا ضيق رزق، ولا قلة مال، ولا نقص احتياجات، بل كنت أهون عليه كلما حزن بسبب ذلك، وأدبر نفقات البيت والأولاد الأربعة، حتى أغدق الله عليه وعلينا من فضله، ووسعت تجارته وزاد الرزق، وتيسرت المعيشة.

ومنذ 4 أشهر اكتشفت أنه على علاقة آثمة مع احدى صديقاتي، وهي متزوجة ومتدينة، ورأيت بعيني رسائلهما المتبادلة على واتس أب، ومن وقتها وأنا ملازمة للفراش، أشعر أنني سأجن، وغير قادرة على الكلام، ولا مواجهته، غضبي وحزني يأكلني، ماذا أفعل؟

الرد:

مرحبًا بك يا عزيزتي..

نخطيء كثيرًا في حق أنفسنا، وحق التدين، عندما نعتقد أننا نختار ملائكة لا بشر للزواج، بدعوى التدين.

لا أعرف سمت زوجك، ولا مواصفات تدينه، لكنني أعرف قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه عندما قال لرجل أخبره أنه يعرف فلان:" لعلك رأيته يخفض رأسه ويرفعه في المسجد في الصلاة"، هنا يعلمنا عمر رضى الله عنه أن هذا ليس هو "حقيقة التدين"، ولا حقيقة الشخص، فليس شرطًا أن يدل المبنى على المعنى بكل بساطة، وقد ننخدع بمظاهر بدون مخبر نقي، سويّ.

علمنا الله وأخبرنا، وعلمتنا السيرة النبوية،  الكثير، الكثير، ولم نتعلم!

يعلمنا طب النفس أيضًا أن هناك أنماطًا للتدين تسمى بـ "التدين المرضي"، وفي هذا ألفت كتب ومراجع كثيرة، يمكنك بضغطة زر على حاسوبك الوصول إليها عبر محركات البحث على الانترنت، وعندها ستفهمين، وتتعلمين، وتدركين حقائق غائبة، ولن تصابي بأي جنون ولا إنهيار.

لاشك أن زوجك يعاني من عدم اتزان وسواء نفسي، وكذلك صديقتك، وأحيانًا يا عزيزتي، وبحسب الاختصاصيين النفسيين تتجاذب إضطرابات الأشخاص بعضها لبعض، فيعتقدونه حبًا، وهيامًا، وهو ليس هكذا أبدًا، فكل ما حدث أن هناك شخص نرجسي مثلًا وامرأة اعتمادية، أو إرضائية، وهذه أقطاب متجاذبة، فالنرجسي يروقه هذه النوعية من الشخصيات الإرضائية وتتغذى نرجسيته عليها، فينجذب إليها، ويجذبها إليه، وهكذا.

لا تتعجبي، فغالبًا هذا هو ما حدث بين زوجك وصديقتك، اللذين هما وبكل أسف يوصفان بالتدين، وهو منهم براء.

المهم الآن هو "أنت"،  من تقومين بدور الضحية.

ولاشك أن دور الضحية ، مؤذي، وممرض، لذا أنت تعانين هكذا، والحل هو المواجهة، وقول لا للأذى، وللخيانة، وعدم الاستسلام وإكمال دور الضحية ومن ثم الإجهاز عليك، وعلى هذه الأسرة المسكينة، فالأطفال أو الأبناء بصفة عامة مهما كانت أعمارهم، يتأثرون باضطرابات آبائهم وأمهاتهم سواء كانت خاصة بعلاقتهم الزوجية أو الوالدية بأسرع وأعمق مما يخطر ببالك وخيالك، نعم، يحدث هذا بينما أنت تعتقدين بتحملك للأذى أنك تعششين على بيتك وأسرتك،  ولن تفيقي إلا على بيت عنكبوت واهن، متكسر، هشّم عائله كل القيم والأخلاقيات، وتحت غطاء التدين!

أفيقي، وفكري بذكاء وحكمة في كيفية ادارة هذه الأزمة، والمواجهة، بأقل خسائر ممكنة، اقتصادية، ونفسية، واجتماعية، وما أراه أنك بحاجة إلى مساعدة متخصصة مباشرة، وجهًا لوجه مع استشارية أسرية، لوضع خطة من أجل هذا كله.

ودمت بكل خير ووعي وسكينة.

اقرأ أيضا:

اقرأ أيضا: