بالتأكيد جميع قلوب المسلمين تهفو يوم عرفة للوقوف على هذا الجبل العظيم، وترديد (لبيك اللهم لبيك.. لبيك لا شريك لك لبيك)، ولكن ليس كل الناس محظوظين بذلك، فكيف لمن فاته الوقوف في هذا الموقف العظيم أن يقضي هذا اليوم العظيم وهو ليس بين الحجاج؟.

ولاشك أن يوم عرفة من خير أيام الدنيا عند الله وهو اليوم الذي يباهي فيه الله سبحانة وتعالى بني آدم عند الملائكة، عندما قال الله «وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً ۖ قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ ۖ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ»، ففي هذا اليوم يثبت الله للملائكة ما كانوا لا يعلمونه من حكمة خلق بني آدم.

صيام عرفة

أول الأعمال التي يجب على المسلم (غير الحاج) أن يحافظ عليها في هذا اليوم، هو الصيام، ذلك أن صوم يوم عرفة وهو اليوم التاسع من ذي الحجة لغير الحاج سُنة مؤكدة، حيث صامه النبي صلى الله عليه وآله وسلم وحثَّ عليه، وقد اتفق الفقهاء على استحباب صوم يوم عرفة لغير الحاج.

فقد رَوَى أَبُو قَتَادَةَ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ، أَحْتَسِبُ عَلَى الله أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ، وَالسَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ»، ولمّ لا وهو أفضل أيام العام عند الله عز وجل.

إذ روى ابن حبان من حديث جابر عن النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم قال: «مَا مِنْ يَوْمٍ أَفْضَلُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ، يَنْزِلُ اللَّهُ تَعَالَى إلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا فَيُبَاهِي بِأَهْلِ الْأَرْضِ أَهْلَ السَّمَاءِ» وفي رواية: «إنَّ اللَّهَ يُبَاهِي بِأَهْلِ عَرَفَةَ مَلَائِكَتَهُ، فَيَقُولُ: يَا مَلَائِكَتِي، اُنْظُرُوا إلَى عِبَادِي، قَدْ أَتَوْنِي شُعْثا غُبْرا ضَاحِينَ».

اقرأ أيضا:

علاقتنا مع الله بين الخوف والرجاء.. كيف نوازن بين الأمرين؟

فعل الخيرات

أيضًا على المسلم أن يزيد من خيراته وعباداته في هذا اليوم العظيم، فيكثر من الصلاة غير المفروضة، وأن يبدأ يومه قبل فجر هذا اليوم بقليل، إذ يصلي ركعات في جوف الليل يناجي بها ربه، ثم عليه أن يصلي الفجر في جماعة في المسجد، ليبدأ يومه بأحب الأعمال إلى الله عز وجل وهي الصلاة في وقتها، وإن كان لم يزر أقارب له فليفعل، كما عليه (بقدر استطاعته) أن يخرج من ماله صدقات للمحتاجين والأيتام، ولو كان هناك يتيمًا يعرفه فليزره، وليربت على صدره، وليحتضنه، فإن المسح على صدر الطفل اليتيم له أجر عظيم عند الله عز وجل، كما عليه أن يكثر من ذكر الله وخصوصًا شهادة التوحيد.

ففي الحديث «كان أكثر دعاء النبي صلى الله عليه وسلم، يوم عرفة «لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، بيده الخير وهو على كل شيء قدير»، كما عليه أن يحفظ جوارحه من أي فعل يغضب الله مهما كانت الظروف.