"ذو الوجهين".. آفة تنخر في جسد المجتمع وتفسد القلوب.. كيف نتخلص من هذا الداء؟
بقلم |
فريق التحرير |
السبت 22 نوفمبر 2025 - 04:35 م
يُعدّ خلق ذو الوجهين من أخطر الآفات الأخلاقية التي تهدد تماسك المجتمعات ونقاء العلاقات الإنسانية، وهو سلوك يقوم على إظهار وجهين مختلفين للناس؛ فيظهر للشخص الأول المودة والاحترام، ثم يُظهر للآخر عكس ذلك، فينقل الكلام ويُثير الفتن، ويُفسد بين الأحبة، ويفرّق بين الأصدقاء. وقد حذّر الشرع الشريف من هذا الفعل تحذيرًا شديدًا لما فيه من خيانة وغش ونفاق.
النفاق العملي أخطر أبواب الفساد
إنّ ذو الوجهين يجمع في طياته صفات النفاق العملي، إذ يُظهر خلاف ما يبطن، ويتلوّن حسب مصلحته، ولا يثبت على موقف أو كلمة. وقد جاء في الحديث الشريف قول النبي ﷺ:
وهذا الحديث يضع هذا السلوك في مرتبة شرّ الناس لما يحدثه من تدمير للثقة وزعزعة للعلاقات.
ذو الوجهين… سمّ اجتماعي يقتل العلاقات
يؤكد المختصون الاجتماعيون أن الشخص ذو الوجهين يُعدّ من أخطر أسباب الخلافات، لأنه يتقن إشعال الفتن بطريقة خبيثة، ويستغل الثقة التي يمنحها له البعض لينقل الكلام أو يحوّره بما يحقق له مكاسب شخصية.
ومع الوقت، يُصبح هذا السلوك سببًا في ضياع الصداقات، وتشويه السمعة، وتفكك الأسر، وانتشار الريبة بين الناس.
إنه شخصية تُضعف الروابط الاجتماعية لأنها تقف ضد قيم الصدق والوضوح والأمانة.
جذور المشكلة… ضعف الإيمان وحب الظهور
يرى علماء النفس والتربية أن سلوك ذو الوجهين ينشأ غالبًا من:
ضعف الإيمان وعدم استحضار رقابة الله عز وجل.
حب الشهرة والقبول من الجميع بأي ثمن.
الخوف من المواجهة وعدم القدرة على قول الحق بوضوح.
البحث عن المصالح ولو بإفساد العلاقات.
وهذه الصفات تجعل صاحبها شخصية غير مستقرة، متناقضة، لا تُؤتمن على سر ولا يُطمأن إلى كلامها.
آثار هذا الذنب على الفرد والمجتمع
1. سقوط المروءة والهيبة؛ إذ يفقد الناس احترامهم للشخص حين يكتشفون تلوّنه.
2. تحطيم الثقة بين الأفراد، وهو ما يؤثر سلبًا على بيئة العمل والأسرة.
3. انتشار الغيبة والنميمة، فالشخص ذو الوجهين غالبًا ناقل للكلام أو مروّج للشائعات.
4. زرع الفتن والعداوات بين الناس بشكل يجعل الإصلاح صعبًا.
5. العقوبة الأخروية؛ فقد ورد أن هذا النوع من السلوك يُعرّض صاحبه لغضب الله لأنه أقرب إلى صفات المنافقين.
كيف نواجه هذا السلوك؟
ترسيخ قيم الصدق في التربية والتعليم من الصغر.
التوعية المجتمعية بخطورة هذا الذنب وبيان آثاره على العلاقات.
عدم منح الثقة لمن يُعرف بتقلّب موقفه أو نقله للكلام.
تشجيع ثقافة المواجهة بأدب بدلًا من المراوغة.
تعزيز الرقابة الذاتية لدى الفرد بأن يستشعر أن الله مطّلع على سريرته.
إن ذنب ذو الوجهين ليس مجرد سلوك عابر، بل هو جريمة أخلاقية تُهدد المجتمع وتُفسد النفوس. فالصادق الواثق من نفسه لا يحتاج إلى تلوّن أو نفاق، وإنما يسير على مبدأ واحد لا يتغيّر.
ولذلك وجب على كل فرد أن يراجع نفسه، وأن يطهّر قلبه ولسانه من هذا الخلق الذميم، وأن يجعل صدقه عنوانًا له في كل تعاملاته.