لهذه الأسباب.. نهي الإسلام عن الاهتمام بالتفاهات وسفاسف الأمور
بقلم |
فريق التحرير |
الثلاثاء 25 نوفمبر 2025 - 10:01 م
في زمنٍ تتزاحم فيه الملهيات وتتنافس فيه التفاهات على خطف انتباه الإنسان، يبرز الإسلام بمنهجه الرباني ليعيد ترتيب الأولويات، موجِّهًا المسلم إلى ما ينفعه في دنياه وآخرته، ومحذرًا من الانشغال بسفاسف الأمور التي تستهلك العمر دون عائد.
المعنى الشرعي للتنزه عن السفاسف
يعرّف العلماء سفاسف الأمور بأنها كل شأنٍ لا نفع فيه ولا قيمة، ويضيع الأوقات بلا ثمرة. وقد جاء في الحديث الشريف:
«إنَّ الله يُحِبُّ مَعالِيَ الأمورِ ويَكرَه سَفاسِفَها»، وهو توجيه واضح للمؤمن أن يرفع همته، وألا ينحدر إلى الصغائر التي تهدر طاقته وتشتت فكره.
كما قال النبي ﷺ: «مِن حُسنِ إسلامِ المرءِ تركُهُ ما لا يَعنيه»، وهو أصل عظيم في تهذيب الروح وتطهير مجتمع المسلمين من اللغو والجدل والاهتمام بما لا يفيد.
خطورة الانشغال بالتفاهات على الفرد
الاهتمام بالتفاهات ليس مجرد عادة سيئة؛ بل هو باب واسع لضياع الوقت والفرص. فحين ينشغل المرء بمتابعة الصغائر، يبتعد شيئًا فشيئًا عن أهدافه الكبرى، وتفتر عزيمته نحو النجاح.
وتشير الدراسات الحديثة إلى أن إدمان المحتوى السطحي يضعف التركيز ويقلل الإنتاجية، وهذا ما سبق الإسلام إلى التحذير منه حين دعا إلى حفظ الوقت واستثماره.
أثر الاهتمام بالسفاسف على المجتمع
المجتمع الذي ينتشر فيه الاهتمام بالتافه من الأمور يفقد بوصلته القيمية ويعتاد الضوضاء، بينما تتراجع فيه القدوات الحقيقية.
فبدل الانشغال بالمفيد من العلم والعمل، ينصرف كثير من الناس إلى الجدل العقيم، ومتابعة الخصومات، وتحليل أمور لا تعود بأي خير. وقد يؤدي ذلك إلى انتشار الشائعات، وغياب الوعي، وضعف الشعور بالمسؤولية الجماعية.
كيف يعالج الإسلام هذه الظاهرة؟
1. رفع الهمم: بتحفيز المسلم نحو معالي الأمور كطلب العلم والعمل الصالح.
2. ترتيب الأولويات: فالقرآن الكريم يحثّ على الاهتمام بما ينفع الإنسان في الدنيا والآخرة:
﴿فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ﴾.
3. الانشغال بالعمل: فقد كان النبي ﷺ أبعد الناس عن اللغو، دائم التركيز على رسالته.
4. الرقابة الذاتية: يربّي الإسلام في الإنسان ضميرًا حيًّا يجعله يميز بين النافع والضار.
5. محاربة الفراغ: عبر التشجيع على استثمار الوقت في القراءة، والعبادة، والإتقان في المهن.
التفاهة في عصر السوشيال ميديا
تضخمت هذه المشكلة مع انتشار المنصات الرقمية؛ حيث أصبح “التريند” يقود كثيرًا من الناس نحو محتوى لا قيمة له، بينما تسقط القضايا المهمة في الهامش.
ولذلك يحتاج المسلم اليوم إلى وعي أكبر، وقدرة على الانتقاء، وحماية فكره من الضجيج الرقمي.
إن الإسلام حين ينهى عن الاهتمام بالتفاهات لا يقيد حرية الإنسان، بل يحرره من القيود التي تسرق عمره دون مقابل. فالمؤمن الواعي هو من يميز بين ما يرفع قدره وما ينقصه، ويعلم أن العمر قصير، والواجبات كثيرة، وأن الله تعالى لا يضيع أجر من أحسن عملًا.
وبذلك يبقى المنهج الإسلامي مرشدًا للبشرية نحو الرقي، وبناء النفوس الرفيعة، وتقديم المعالي على السفاسف، حتى تُصنع حضارة تقوم على الوعي والفكر والعمل.