جاء في زمن كل نبي نخبة من المؤمنين، أطاعوا الله وأطاعوا رسله وأنبياءه، فخلّدت أسماؤهم في التاريخ ، وكانوا من المقربين إلى الأنبياء ، فكانت تلازمهم وتسمع منهم الأحاديث وتأخذ عنهم العلم ، وحين الملمات والشدائد كانت تلك الزمرة المؤمنة تدافع عن نبيها و تذود عنه بالغالي والنفيس، وقد سمي هؤلاء النفر بالحواريين.
وكان الزبير بن العوام رضي الله عنه من صحابة النبي صلى الله عليه وسلم الذين تميزوا بنصرة النبي الكريم ، وقد قال النبي الكريم إن لكل نبي حواري وإن حواري هو الزبير بن العوام.
ومن أشهر من أطلق عليهم بالحواريين، هم حواريو عيسى عليه السلام، أخذوا عنه العلم و الإنجيل
ومن أشهر من أطلق عليهم بالحواريين، هم حواريو عيسى عليه السلام، أخذوا عنه العلم و الإنجيل
، وقد ذكرهم الله تعالى في القرآن الكريم، حين أحس سيدنا عيسى عليه السلام الكفر بدعوته فأراد أن يبين من هو المؤمن من قومه ممن هو كافر ، فنادى في قومه متسائلاً من أنصاري إلى الله ، فخرج الحواريون من بين القوم ليقولوا لنبي الله نحن أنصار الله و نحن المؤمنين بدعوته ، فـأثابهم الله سبحانه و تعالى لصنيعهم هذا بأن جعلهم مؤيدين على من كفر من قومهم ، ظاهرين على غيرهم بحسن سريرتهم وصفاء عقيدتهم ، ودفاعهم عن نبيهم .
وكان اليهود ينتظرون مجيء عيسى المسيح بعدما بشرهم به موسى عليه السلام قبل ان يولد ، وعندما ولد وبعث فيهم نبيا ، أعلن دعوته وـثبتها بالأدلة الكافية ، وعندما تعرضت مصالح بني اسرائيل للخطر ، وقفوا ضده واخذوا يصرون على المعارضة والعصيان والمعاندة والانحراف ، فنادى فيهم : من أنصاري إلى الله ، فاستجاب لندائه نفر قليل ، كانوا مؤمنين واطهارا سماهم القرآن الكريم بـ « الحواريين » لبوا نداء المسيح ووقفوا معه لنشر أهدافه وشريعته المقدسة.
معنى الحواريين
و «حواريون » جمع حوري من مادة « حور » بمعنى الغسل والتبييض ، وقد تطلق على الشيء الابيض
، لذلك يطلق العرب على الطعام الابيض « الحواري » ، و « حور » جمع حوراء وهي البيضاء البشرة.
اما سبب تسمية تلاميذ المسيح بالحواريين فقد ذكرت له احتمالات كثيرة منها : كانوا فضلا عن طهارة قلوبهم وصفاء ارواحهم ، كانوا دائبين السعي في تطهير الناس وتنوير افكارهم وغسلهم من ادران الذنوب.
وجاءت أسماء الحواريين في انجيل متّى ولوقا ، الباب السادس ، فهي : 1 ـ بطرس 2 ـ اندرياس 3 ـ يعقوب 4 ـ يوحنا 5 ـ فيلوبس 6 ـ برتولولما 7 ـ توما 8 ـ متّى 9 ـ يعقوب بن حلفا 10 ـ شمعون 11 ـ يهوذا اخو يعقوب 12 ـ يهوذا الاسخريوطي الذي خان المسيح.
مائدة من السماء
ويحكي القرآن الكريم في شأن الحوارين أنهم طلبوا من عيسى عليه السلام أن يُنْزِل عليهم مائدة من السماء، ودار بينهم وبين عيسى عليه السلام الحوار التالي: {إذ قال الحواريون يا عيسى ابن مريم هل يستطيع ربك أن ينزل علينا مائدة من السماء} (المائدة:112).
وقد كان جواب عيسى على طلب الحواريين بأن أمرهم بتقوى الله سبحانه، والوقوف عند حدوده، والخوف والخشية منه، وترك مطالبته بأمور تؤدي بالمؤمن إلى الفتنة، فقال لهم: {اتقوا الله إن كنتم مؤمنين}.
ثم حكى القرآن الكريم ما ردَّ به الحواريون على عيسى عليه السلام، وذلك قولهم: {قالوا نريد أن نأكل منها وتطمئن قلوبنا ونعلم أن قد صدقتنا ونكون عليها من الشاهدين} (المائدة:113)، فقد بينوا في جوابهم أنه طلبوا نزول المائدة رغبة في أن ينالوا البركة، ولحاجتهم إلى الطعام بعد أن ضيق عليهم بنو إسرائيل في الرزق، وأيضاً لتزداد قلوبهم إيماناً بالله وتصديقاً بما جاءهم من الحق، وأيضاً ليكونوا شهوداً على صدق المعجزات التي جاءهم بها عيسى عليه السلام عند الذين لم يشهدوها.
والحواريون بينوا لعيسى عليه السلام -كما حكى القرآن الكريم- أنهم لم يطلبوا نزول المائدة من السماء
؛ لأنهم يشكون في قدرة الله، أو نبوة عيسى عليه السلام، بل طلبوا ذلك زيادة في الإيمان، وطلباً لليقين. قال أهل العلم: "كان الحواريون خلصان الأنبياء، ودخلاؤهم وأنصارهم...وقد كانوا عالمين باستطاعة الله لذلك ولغيره علم دلالة وخبر ونظر، فأرادوا علم معاينة كذلك، كما قال إبراهيم عليه السلام: {ولكن ليطمئن قلبي} (البقرة:260)، وقد كان إبراهيم علم ذلك علم خبر ونظر، ولكن أراد المعاينة التي لا يدخلها ريب، ولا شبهة؛ لأن علم النظر والخبر قد تدخله الشبهة والاعتراضات، وعلم المعاينة لا يدخله شيء من ذلك، ولذلك قال الحواريون: {وتطمئن قلوبنا}، كما قال إبراهيم: {ولكن ليطمئن قلبي}.
ثم أخبرنا القرآن الكريم بما تضرع به عيسى عليه السلام بعد أن سمع من الحواريين ما قالوه في سبب طلبهم لنزول المائدة من السماء، كما بين ذلك سبحانه بقوله: {قال عيسى ابن مريم اللهم ربنا أنزل علينا مائدة من السماء تكون لنا عيدا لأولنا وآخرنا وآية منك وارزقنا وأنت خير الرازقين} (المائدة:114)، فقد طلب عيسى عليه السلام من ربه سبحانه أن ينزل على أنصاره رزقاً من السماء، يكون يوم نزوله عيداً يحتفلون به، ويبتهجون، ويتقربون به إلى الله عز وجل على ما رزقهم من الطيبات، ويكون أيضاً عيداً لمن يأتي من بعدهم، ممن لم يشهد هذه الآية المعجزة الربانية. قال السدي: أي نتخذ ذلك اليوم الذي نزلت فيه عيداً، نعظمه نحن ومن بعدنا.
ثم ختم سبحانه حديثه عن هذه المائدة وما جرى بشأنها بين عيسى عليه السلام والحواريين بقوله: {قال الله إني منزلها عليكم فمن يكفر بعد منكم فإني أعذبه عذابا لا أعذبه أحدا من العالمين "قال الله إني منزلها عليكم فمن يكفر بعد منكم فإني أعذبه عذابا لا أعذبه أحدا من العالمين"، فأخبرهم سبحانه أنه منزل هذه المائدة عليهم؛ إجابة لدعاء رسوله عيسى عليه السلام، وأخبرهم أن من يكفر بعد نزولها، فإنه سوف يعذبه عذاباً شديداً.
وفي ختام سورة الصف مدح سبحانه الحواريين، ودعا المؤمنين إلى التشبه والاقتداء بهم، فقال سبحانه: {يا أيها الذين آمنوا كونوا أنصار الله كما قال عيسى ابن مريم للحواريين من أنصاري إلى الله قال الحواريون نحن أنصار الله فآمنت طائفة من بني إسرائيل وكفرت طائفة فأيدنا الذين آمنوا على عدوهم فأصبحوا ظاهرين} (الصف:14)، فالآية هنا تأكيد لما جاء في آية آل عمران من دعوة عيسى المؤمنين من بني إسرائيل إلى نصرته، والالتزام بما جاء به، بقوله على سبيل الامتحان؛ لقوة إيمانهم: مَنْ الجند المخلصون، الذين أعتمد عليهم بعد الله سبحانه في نصرة دينه، وفي التوجه إليه بالعبادة والطاعة وتبليغ رسالته.
وكان جواب الحواريين لعيسى عليه السلام عندما دعاهم إلى اتباع الحق -كما تقدم-: نحن أنصار دين الله، ونحن الذين سنثبت على العهد، أما بقية بني إسرائيل، فقد افترقوا إلى فرقتين: فرقة آمنت بما جاء به عيسى عليه السلام من عند الله تعالى، وفرقة أخرى كفرت به وبرسالته، وقد أيد سبحانه الفئة المؤمنة من بني إسرائيل، ونصرها على الفئة الكافرة منهم.
وقد تحدث القرآن الكريم في سورة الحديد عن ثلاث طوائف من أتباع عيسى عليه السلام؛ طائفة ابتدعت في دين الله ما ليس منه، وطائفة أخرى استمرت على الإيمان الحق، الخالي من البدع والأهواء، وطائفة ثالثة انحرفت عن الحق الذي جاء به عيسى عليه السلام انحرافاً شديداً، وقد أخبر سبحانه عن هذه الطوائف الثلاث بقوله: {وقفينا بعيسى ابن مريم وآتيناه الإنجيل وجعلنا في قلوب الذين اتبعوه رأفة ورحمة ورهبانية ابتدعوها ما كتبناها عليهم إلا ابتغاء رضوان الله فما رعوها حق رعايتها فآتينا الذين آمنوا منهم أجرهم وكثير منهم فاسقون} (الحديد:27).
قصة حواري عيسى (عليه السلام):
وقد سمى الله عز وجل أنصار عيسى بالحواريين؛ بسبب قوة إيمانهم وإخلاصهم في نيتهم لله تعالى وطهر سرائرهم من أيّ غشٍ أو نفاق، فوصلوا لدرجةٍ من البياض الخالص في الصفاء والنقاء من الشوائب، مما دفعهم لترك الباطل وتلبية نداء الحق، ورغم قلة عددهم لم يخشوا شيئاً ولا حتّى لومة لائم، فأقروا بالإيمان وحده، وكانوا على يقينٍ أن ما جاء به عيسى هو الحق من ربهم، وقد جاء في القرآن الكريم أنهم أعلنوا اعترافهم بربوبيته كاملة سبحانه وتعالى، حيث سلموا أمرهم تسليماً تاماً بكل ما أنزله الله على أنبيائه من قبلهم، وأعلنوا امتثالهم لكلّ أوامر الحق التي جاء بها نبيهم عيسى عليه السلام، وبعدها طلبوا من الله أن يجعلهم من عباده الأخيار، وذلك كما جاء في قوله تعالى: (رَبَّنَا آمَنَّا بِمَا أَنزَلْتَ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ)، لذلك استحقوا تسميتهم بالحواريين.
كما قيل أن من أسباب تسمية تلاميذ المسيح، أنهم كانوا فضلا عن طهارة قلوبهم وصفاء ارواحهم ، كانوا دائبين السعي في تطهير الناس وتنوير افكارهم وغسلهم من ادران الذنوب.
أسماء الحواريين
أما أسماؤهم كما جاءت في انجيل متّى ولوقا ، الباب السادس ، فهي :
1 ـ بطرس 2 ـ اندرياس 3 ـ يعقوب
4 ـ يوحنا 5 ـ فيلوبس 6 ـ برتولولما
7 ـ توما 8 ـ متّى 9 ـ يعقوب بن حلفا
10 ـ شمعون 11 ـ يهوذا اخو يعقوب
12 ـ يهوذا الاسخريوطي الذي خان المسيح.
عمل الحواريين
ويذكر المرحوم الطبرسي في تفسير « مجمع البيان » أن الحواريين كانوا يرافقون المسيح في رحلاته ، وكلما عطشوا او جاعوا رأوا الماء والطعام مهيئًا امامهم بأمر الله ، فكانوا يرون في ذلك فخرا لهم ايّ فخر ، وسألوا المسيح : أهناك من هو أفضل منا ؟ فقال : نعم ، افضل منكم من يعمل بيده ويأكل من كسبه، وعلى إثر ذلك اشتغلوا بغسل الملابس للناس لقاء اجر وانشغلوا بذلك.
وروي أن سيدنا عيسى بن مريم عليهما السلام قال : يا معشر الحواريين لي اليكم حاجة اقضوها لي ، قالوا : قضيت حاجتك يا روح الله ، فقام فغسل اقدامهم ، فقالوا : كنا نحن احق بهذا يا روح الله ، فقال : ان احق الناس بالخدمة العالم ، إنما تواضعت هكذا حتى تتواضعوا بعدي في الناس كتواضعي لكم ، ثم قال عيسى عليه السلام :بالتواضع تعمر الحكمة لا بالتكبر ، وكذلك في السهل ينبت الزرع لا في الجبل.
جاء في زمن كل نبي نخبة من المؤمنين، أطاعوا الله وأطاعوا رسله وأنبياءه، فخلّدت أسماؤهم في التاريخ ، وكانوا من المقربين إلى الأنبياء ، فكانت تلازمهم وتسمع منهم الأحاديث وتأخذ عنهم العلم ، وحين الملمات والشدائد كانت تلك الزمرة المؤمنة تدافع عن نبيها و تذود عنه بالغالي والنفيس، وقد سمي هؤلاء النفر بالحواريين.