آذت رسول الله حينما انقطع الوحي.. فماذا حدث؟

بقلم | محمد جمال | الخميس 09 ابريل 2020 - 08:40 م

اعتاد الناس في الحديث عن النساء أن يذكرون دورهن الرائد في التنمية والبناء، على أن هناك نساء ذكرهن التاريخ فكنّ وصمة عار وحينما نقصص قصص هؤلاء إنما يكون لمعرفة مدى شرورهن ومكرهن.

جارة رسول الله:

يحكى في السيرة النبوية المطهرة أحد المواقف التي تأذى منها رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد كانت هذ المرة من امرأة تسكن بجواره قيل إنها أم جميل، آذت هذه المرأة رسول الله بلسانها حين انقطع عنه الوحي فقد سخرت منه وقالت كلمة سجلها لها التاريخ لا تمحا منه أبد الدهر؛ فيروي جُنْدُب بن سفيان رضي الله عنه، قَالَ: اشْتَكَى (أي مَرِضَ) رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَلَمْ يَقُمْ (أي فترك صلاة الليل - التهجد) لَيْلَتَيْنِ أَوْ ثَلاَثًا فَجَاءَتِ امْرَأَةٌ، فَقَالَتْ: يَا مُحَمَّدُ إِنِّي لأَرْجُو أَنْ يَكُونَ شَيْطَانُكَ قَدْ تَرَكَكَ، لَمْ أَرَهُ قَرِبَكَ مَنْذُ لَيْلَتَيْنِ أَوْ ثَلاَثًا، فَأَنْزَلَ اللهُ عز وجل: {وَالضُّحَى (1) وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى (2) مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى} [الضحى: 1-3].

انقطاع الوحي:

وبرغم قصر القصة فإنها تظهر كم الحقد والغل التي ضمرته هذه المرأة في قلبها لرسول الله صلى الله عليه وسلم، نعم بينت القصة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مَرِض لليلتين أو ثلاثًا، فلم يقم بما اعتاد عليه من قيام الليل؛ ولذلك لم تسمعه جارته يقرأ القرآن، وتزامن في الوقت نفسه مع ذلك عدم نزول الوحي للمدة نفسها؛

كما تظهر هذه القصة أيضا مدى الإيذاء الذي تعرض له رسول الله صلى الله عليه وسلم وتنوعه فلم يكن الإيذاء قاصر على رجال قريش وعصبتها لكن النساء أيضا كان لهن دور لا يقل خطورة وإيلاما لرسول الله صلى الله عليه وسلم.

أسباب انقطاع الوحي:

فانقطاع الوحي هو فترة اختبار وله أسبابه التي تكلم عنها العلماء والباحثون حيث ذكروا أن عدم نزول الوحي قد يكون في هذه الفترة لأجل مرضه وشكواه، فلم يُرِد الله أن يجمع عليه مع المرض ثِقَل الوحي؛ ولكن نزل الوحي بعد ذلك سريعًا ليُطَمْئِن قلب رسول الله صلى الله عليه وسلم، بل يُبَشِّره بعطاء رب العالمين له؛ قال تعالى: {وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى} [الضحى: 5].

غير أن بعض العلماء يخلطون بين انقطاع الوحي هذه المرة وانقطاعه والحقيقة أنهما مختلفان، فالمرة الأخيرة كانت قصيرة ثم نزلت بعدها سورة الضحى؛ بينما كانت الفترة الأولى أطول، ونزل بعدها صدر سورة المدثر مما يدل على تباينهما زمنًا.

العبرة:

ولقد أظهر القرآن الكريم جانبا كبيرا مما تعرض له رسول الله صلى الله عليه وسلم من إيذاء كما بين مى صبره حتى على مخالفيه فهذا رسول الله يطرد من قبيلته ويلقى بالحجارة حتى لجأ إلى الطائف وظل يدعو، ولندع عائشى رضي الله عنها تقص هذه الحكاية:

قالت عائشة لرسول الله صلى الله عليه وسلم يا رسول الله هل أتى عليك يوم كان أشد من يوم أحد فقال لقد لقيت من قومك وكان أشد ما لقيت منهم يوم العقبة إذ عرضت نفسي على ابن عبد ياليل بن عبد كلال فلم يجبني إلى ما أردت فانطلقت وأنا مهموم على وجهي فلم أستفق إلا بقرن الثعالب فرفعت رأسي فإذا أنا بسحابة قد أظلتني فنظرت فإذا فيها جبريل فناداني فقال إن الله عز وجل قد سمع قول قومك لك وما ردوا عليك وقد بعث إليك ملك الجبال لتأمره بما شئت فيهم قال فناداني ملك الجبال وسلم علي ثم قال يا محمد إن الله قد سمع قول قومك لك وأنا ملك الجبال وقد بعثني ربك إليك لتأمرني بأمرك فما شئت إن شئت أن أطبق عليهم الأخشبين فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده لا يشرك به شيئا. ويقول:

حتى أتاه جبريل ومعه ملك الجبال وقال لخ يرت رسول اللله إن الله يقرؤك السلام ويقول لك إن شئت أن أطبق اعليهم الأخشبين فعلت لكنه الرحمة المهداة والنعمة المسداة والصراط المنير من بعثه الله هداية للخلق قال: لعل الله يخرج من أصلابهم من يوحد الله.

ومن الصور التي تعرض لها القرآن لإيذاء الرسول قال الله تعالى: {وَإِذَا رَأَوْكَ إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إِلاَّ هُزُوًا أَهَذَا الَّذِي بَعَثَ اللهُ رَسُولاً (41) إِنْ كَادَ لَيُضِلُّنَا عَنْ آلِهَتِنَا لَوْلاَ أَنْ صَبَرْنَا عَلَيْهَا وَسَوْفَ يَعْلَمُونَ حِينَ يَرَوْنَ الْعَذَابَ مَنْ أَضَلُّ سَبِيلاً (42) أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلاً} [الفرقان: 41-43].

هذا ولم يكن إيذاؤه قاصرًا كما مر على رجال قبيلته بل حتى النساء آذوه ورمينه بألسنتهن وتعرضن له بقول وفي هذا كله صبر الرسول الكريم وتحمل هم الدعوة حتى يبلغها لنا ويعلمنا فضيلة الصبر على البلاء.