«أعصي الله والشيطان يعصيه أيضًا.. ما الفرق بيني وبين
الشيطان؟».. رسالة لأحدهم، يطرح سؤالاً ربما يريد الكثير من الناس معرفة إجابته.
أولا علينا أن نحاول فهم الحوار الذي جرى بين الله عز وجل، والشيطان لعنه الله، والذي أعلن فيه الشيطان عن رفضه السجود لسيدنا آدم عليه السلام، لحد اتهامه لله بأن الله هو الذي أغواه! قال تعالى: «فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ ».. وبعدها تهديد و وعيد..
نخرج من هذا الحوار بنتيجة مفادها أن إبليس لا يشعر ( بالذنب ).. ليس لديه أي شعور ( بالندم) .. يقول لنفسه: أنا طبعًا (مش غلطان) .. ليس هذا فحسب وإنما أنت يا رب ( أغويتني ) !.. أنت (السبب ) فيما أنا فيه.
الإصرار على الذنب
الحوار السابق، يكشف لأي مدى كان إبليس لعنه الله مصرًا على ذنبه، بل وعن اقتناع ومع سبق الإصرار !!.. لماذا؟ بسبب : الكبر .. الأنا!.. وهو ما نتج عنه: التآله الزائف .. مثال فرعون حينما قال: (أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلى ).. وبالتالي : الندية مع الله والتحدي!
للأسف هناك الكثير من البشر يتسم بهذه المواصفات.. فما الفرق ؟ الفرق في الدرجة .. والمستوى .. البداية أنك تفعل ذلك مع بشر.. لكن إبليس وصل به أنه فعله مع الإله!
أنت تعترف .. وتندم .. وتتوب .. أما الشيطان.. فـلا .. !.. أنت تعي أن هناك ذنب .. أما الشيطان فلا يعرف معنى الذنب بالأساس!
الفرق في الندم
لابد أن تعي جيدًا عزيزي المسلم، أن الفرق بينك وبين الشيطان يكون في كلمة ( الندم) !.. لكن ماذا لو لم تعرف طريق الندم.. لو كنت تؤله نفسك وذاتك!.. ماذا لو كان دورك في الحياة .. أن تحكم على هذا .. أو تخطئ في حق هذا .. وتتهم في هذا .. وتخوض في عرض هذا،، وتشعر طوال الوقت أن ( أنا ) غيركم .. الكل هو السبب لكن أنا لا أخطيء أبدًا! ..
حينها ستبدأ في الراحة للشر بأي صورة .. لمجرد ( غِل) داخلك .. أو شعور بالانتقام .. ترى الظلم وقلبك مرتاح لأنه سيحقق لك نصر داخلي للغل الذي بداخلك.. وحينها ستجد داخلك مليون مبرر للخطيئة .. ومليون مبرر لألا ترى الظلم .. ظلم !
وحول ذلك يقول الفيلسوف الشهير تولستوي: «إرتكابُ الخطيئة عمل إنساني؛ لكنّ تبرير تلك الخطايا عمل شيطاني».. فلو رأيت نفسك تقارن طوال الوقت وبدأت تستكتر على أحدهم ما هو فيه .. ووارد تحسده .. تذكر قوله تعالى: «قَالَ أَرَأَيْتَكَ هَذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ»، وهنا تكون للأسف بدأت خطوات الشيطان.
إذن طريق الشيطان .. بدايته كِبر .. غِل .. عدم اعتراف بالخطأ.. لا يوجد ندم .. قسوة .. تبرير .. انتقام .. حسد ..إصدار أحكام .. لا يوجد تصحيح للخطأ أو توبة .. بينما الاعتراف - والندم – والتوبة، أولى خطوات العودة لإنسانيتك، وهذا هو الفرق بين معصية الشيطان ومعصية آدم.
قال تعالى: «فَتَلَقَّىٰ آدَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ ۚ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ».