منذ إعلان النبي صلى الله عليه وسلم لدعوته، بدا بالأقربين، ثم دعوة قومه، ثم دعوة الناس عامة.
وكان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو ويتعرض لجميع القبائل في موسم الحج في المرحلة المكية كي يؤووه حتى يبلغ دعوة ربه، ولم يجبه أحد من الناس إلا قليل.
أما القبائل فلم يقبل منهم أحد دعوته إلا الأنصار، فكانت هجرته صلى الله عليه وسلم إليهم.
وبعد أن هاجر النبي الكريم واسس دولته وفتح مكة، جاءته وفود العرب مهنئة ومذعنة له، حيث قدم عليه وفد محارب سنة عشر في حجة الوداع، وهم عشرة نفر منهم سواء بن الحارث، وابنه خزيمة بن سواء، فأنزلوا دار رملة بنت الحدث.
وكان بلال يأتيهم بغداء وعشاء إلى أن جلسوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما من الظهر إلى العصر، فأسلموا وقالوا: نحن على من وراءنا، ولم يكن أحد في تلك المواسم التي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعرض نفسه فيها على القبائل يدعوهم إلى الله ولينصروه، أفظ ولا أغلظ على رسول الله صلى الله عليه وسلم منهم.
وكان في الوفد رجل منهم فعرفه رسول الله صلى الله عليه وسلم فأطال له النظر.
اقرأ أيضا:
قصة النار التي أخبر النبي بظهورها فلما رآه المحاربي يديم النظر إليه قال: كأنك يا رسول الله توهمني، قال: "لقد رأيتك سابقا".
قال المحاربي: أي والله لقد رأيتني وكلمتني وكلمتك بأقبح الكلام ورددت عليك بأقبح الرد بعكاظ وأنت تطوف على الناس.
فقال صلى الله عليه وسلم: نعم، فقال المحاربي يا رسول الله ما كان في أصحابي أشد عليك يومئذ ولا أبعد عن الإسلام مني، فأحمد الله الذي أبقاني حتى صدقت بك، ولقد مات أولئك النفر الذين كانوا معي على دينهم.
فقال صلى الله عليه وسلم: إن هذه القلوب بيد الله عز وجل. فقال: يا رسول الله، استغفر لي من مراجعتي إياك.
فقال صلى الله عليه وسلم: إن الإسلام يجب ما كان قبله من الكفر.
ومسح رسول الله صلى الله عليه وسلم وجه خزيمة بن سواء فكانت له غرة بيضاء، وأجازهم كما يجيز الوفد وانصرفوا إلى أهليهم.