لم تحز ليلة في الإسلام علي هذه المكانة الرائعة مثلما حازت ليلة القدر حيث ينظر إليها عموم المسلمين نظرة إجلال وتقدير لم تتح لغيرها وكيف لأ وهي الليلة التي نزل فيها القرآن وهي الليلة التي تتنزل فيها الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر سلام هي حتي مطلع الفجر" ولكن هل نزل القرآن القرآن في ليلة القدر مجمعا أم نزل علي مراحل بدأت بالليلة المباركة أوام انتهت فيها ؟
وبحسب حديث سيدنا عبدالله بن عباس رضي الله عنه أقام الرسول - صلى الله عليه وسلم - بمكة ثلاث عشرة سنة يوحى إليه ثم أمر بالهجرة" وحول ما إذا كان ذلك يتناقض مع نصوص القرآن: "شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ" أو "إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِى لَيْلَةِ الْقَدْرِ"، والمعنى أنه أنزل فى ليلة القدر إلى السماء الدنيا ثم أنزل بعد ذلك مفرقا،
وفى الحديث: "أنزلت التوارة لست مضين من شهر رمضان، والإنجيل لثلاث عشرة خلت منه، والزبور لثمان عشرة خلت منه، والقرآن لأربع وعشرين خلت من شهر رمضان"، أى كان نزوله إلى السماء الدنيا فى الرابع والعشرين فى ليلة القدر.

ليلة القدر ونزول القرآن

قصة نزول القرآن في ليلة القدر بدأت في اليوم الرابع والعشرين من رمضان حيث يومها  النبي جالساً يتفكّر في غار حراء، فنزلت أوّل كلمات القرآن الكريم وكانت سورة اقرأ، وهذا على الأرجح في الليلة الرابعة والعشرين من رمضان في العام الثالث عشر قبل الهجرة. كان الوحي قد بدأ بالنزول على محمّد قبل ذلك بقُرابة ستة أشهر في يوم ميلاده الأربعين، وكان بالرؤيا الصادقة، لكن في ليلة القدر نزل الملك جبريل لتبدأ الدعوة بملامحها الواضحة.

اظهار أخبار متعلقة

أما عن الكيفية التي نزل بها القرآن الكريم علي الرسول محمد صلي الله عليه وسلم في ليلة القدر فقد أثارت اختلافات بين الفقهاء والمؤرخين والمتخصصين في التفسير و علوم القرآن فمنهم من ذهب إلي أنّ القرآن قد فصل من الذكر والذي كان في اللوح المحفوظ حتى وضع في بيت العزة في السماء الدنيا وسلم فصار جبريل ينزل به على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم فبذلك يكون قد نزل جملةً واحدةً عندما وضع في بيت العزة وتم ذلك في ليلة القدر فصار ينزل به على مراحل إلى الأرض.

القرآن الكريم والنزول للبيت المعمور 

هذه الرواية اثير حولها كذلك جدل كبير حيث طرحت أكثر 3طرق لنزول القرآنالكريم الأولي أنه انزل في ليلة القدر من اللوح المحفوظ ومرّةً واحدة أو أنّه نزل على عشرين أو ثلاثة وعشرين مرحلة فنزل جزءٌ في كلّ ليلة كانت أولها ليلة القدر أو أنّه نزل على مراحل إلى البيت المعمور لكن أول مرة نزل فيها علي النبي كان في ليلة القدر ولعل أصح الطرق التي أجمع عليها المؤرخون والمتخصصون ف أنّه قد نزل مرةً واحدة إلى البيت المعمور..

ويجدر بنا في هذا المقام التطرق الي حادثة غار حراء التي وقعت أحداثها بحسب أدق الروايات في ليلة القدر عندما نزل القرآن لأول مرة علي سيدنا محمد حيث تمَثَّل جبريل بشكل عجيب أمامه لم يرَ قط من قبل مثيلاً له، وكان لضخامته يحجب الأفق بجناحيه وخاطب النبي بقوله أقر أفرد الرسول الذي لم يكن يجيد القراءة أو الكتابة حينذاك ما أنا بقارئ فاقترب منه وضمّهُ ضمةً شديدة، حيث وصفها محمد صلى الله عليه وسلم بعد حين بقوله : "حتى بلغ مني الجهد" أي أنّه تعب حتى تعرق بشدّة، ثم تركه أمين الوحي جبريل .

اظهار أخبار متعلقة

أمين الوحي جبريل عليه السلام وكرّر القول له مرة أخرى "اقرأ فرد عليه مرةً أخرى: ما أنا بقارىء فأمسكه وقرّبه منه مرةً أُخرى وضمّه ضمةً شديدة ثمّ عاد وتركه وكرّر الأمر للمرة الثالثة : (اقرأ" فرد عليه: (ما أقرأ؟فتلا عليه عندها أوّل آيات القرآن الكريم :" اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ، خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ علق اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ، الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ، عَلَّمَ الْإِنْسَان ما لم يعلم "َ
وبعد أن تلا جبريل عليه السلام الآيات الأولي من القرآن الكريم اختفي أمين الوحي دون سبب واضح وكان هذا الاختفاء بداية ليلة صعبة عاني منها النبي صلي الله عليه وسلم حيث عاد إلي بيته خائفا مترقبا يردد كلمة واحدة "زمِّلوني.. زمِّلوني" أي دثروني من شدة البرد بعد أن لازمته حمي .

الرسول والسيدة خديجة ووورقة بن نوفل

والرسول وهو يعاني من هذه الحمي والشعور بالبرد الشديد استقبلته زوجته السيدة خديجة رضي الله عنها، وقامت بتهدئته وكان خوفه كبيراً حدّ الجزع فحاولت طمأنته بكل وسيلة ممكنة حيث بادرته بالقول والله لا يخزيك الله أبداً، إنّك لتصل الرحم ، وتحمل الكلّ وتكسب المعدوم، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الدهر .
وبعدها توجهت أم المؤمنين خديجة لابن عمها ورقة بن نوفل تسأله عما جرى لزوجها وكان على دين المسيح وقد بلغ التسعين، وفقد بصره من كثرة قراءة التوراة والإنجيل، وأخبرته ما علمت من أمر زوجها فطلب أن يراه فجلس يستمع وهو يتعجّب تارة ويبتسم تارة أخرى فما يسمعه يعرفه ويطابق ما قرأه عن نبوءة ظهور نبي .

نبي أخر الزمان 

وبعد الأخذ والرد بين ورقه وسيدنا محمد بحضور أم المؤمنين خديجة باردهم ورقة بالقول إنّك لنبيّ هذه الأمة، إنّك لنبي آخر الزمان، لقد جاءك الناموس الذي جاء موسى، إنّ قومك سيكذبونك، ويؤذونك ويقاتلونك، ويخرجونك، ليتني أكون فيها جذعاً إذ يخرجك قومك الي أخر الرواية المعروفة