ليلة القدر هي الليلة التي يتجلى فيها الكريم الرحيم على عباده فيغفر الله ويعتقهم من النار، ويرزقهم من فضله العظيم ، ويبارك في أعمار وأرزاق عباده الذين أحيوا هذه الليلة المباركة ووقفوا بين يديه راجين مغفرته ورضوانه.
إنها ليلة العطايا والنفحات والبركات، فقد وصفها الله سبحانه وتعالى بقوله: {لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ}، وأخبرنا سبحانه بأنه: {تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْكُلِّ أَمْرٍ * سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ}.
يقول أهل العلم أنه في هذه الليلة المباركة تنزل الملائكة بالرحمة على عباد الله التائبين والقائمين لليل، التالين لكتاب الله، والمصلين والناس نيام، لذا أرشدنا الحبيب سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم إلى فضل قيام هذه الليلة المباركة فقال كما جاء في الصحيحين: "من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر اللّه له ما تقدم من ذنبه".
ألوية الملائكة بهذه الأماكن
وفي تفسير تلك الآيات ذكر الإمام القرطبي العديد من الروايات التي تبين فضل
ليلة القدر، وما تفعله الملائكة مع عباد الله الذين يجتهدون في العبادة، فذكر قولًا لابن عباس رضي الله عنه قال فيه: قال النبي صلى اللّه عليه وسلم: "إذا كان ليلة القدر، تنزل الملائكة الذين هم سكان سدرة المنتهى، منهم جبريل، ومعهم ألوية ينصب منها لواء على قبري، ولواء على بيت المقدس، ولواء على المسجد الحرام، ولواء على طور سيناء، ولا تدع فيها مؤمنا ولا مؤمنة إلا تسلم عليه، إلا مدمن الخمر، وآكل الخنزير، والمتضمخ بالزعفران".
جبريل ينزل مع كوكبة من الملائكة
وروي في ذلك أيضًا حديث مرفوع عن أنس رضي الله عنه أنه "إذا كانت ليلة القدر نزل
جبريل في كبكبة من السماء يصلون ويسلمون على كل قائم أو قاعد يذكر الله تعالى".
وذكر الإمام الرازي في تفسير سورة القدر عن، كعب أنه في ليلة القدر تتنزل الملائكة مع سيدنا جبريل عليه السلام وليس فيها ملك إلا وقد أعطى الرأفة والرحمة للمؤمنين، فلا تبقى بقعة من الأرض إلا وعليها ملك ساجد أو قائم يدعو للمؤمنين والمؤمنات، وجبريل عليه السلام لا يدع أحدًا من الناس إلا صافحهم، وعلامة ذلك من اقشعر جلده ورق قلبه ودمعت عيناه، فإن ذلك من مصافحة جبريل عليه السلام.
اقرأ أيضا:
كلما رأيت الخير.. أسرع الخطى إليهبركة ملائكة الروح
وأخرج الإمام البيهقي عن أمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب- كرم الله وجهه- قال: أنا والله حرضت عمر على القيام في شهر رمضان قيل: وكيف ذلك يا أمير المؤمنين؟ قال: أخبرته أن في السماء السابعة حظيرة يقال لها حظيرة القدس فيها ملائكة يقال لهم الروح- وفي لفظ الروحانيون- فإذا كان ليلة القدر استأذنوا ربهم في النزول إلى الدنيا فيأذن لهم فلا يمرون على مسجد يصلى فيه ولا يستقبلون أحدًا في طريق إلا دعوا له فأصابه منهم بركة، فقال له سيدنا عمر بن الخطاب: يا أبا الحسن فنحرض الناس على الصلاة حتى تصيبهم البركة فأمر الناس بالقيام".
اقرأ أيضا:
لماذا لا نشعر ببركة الوقت وتمر أعمارنا سريعًا؟ اقرأ أيضا:
سنة نبوية مهجورة .. من أحياها غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر..تدخل السرور في قلوب المؤمنين وتشيع الراحة