يقول المولى عز وجل في كتابه الكريم: «فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ * فَكُّ رَقَبَةٍ *أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ *يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَةٍ * أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ »، ما هي العقبة المطلوب منا أن نقتحمها؟
العقبة .. هي (الأنا ).. وما أدراك ما العقبة؟!.. وما أدراك بهذه الأنا!
وما ذلك إلا لأن الأنا .. هي أعظم عقبة تواجهك كإنسان.. فكل فساد داخلك مصدره الأنا.. وكل صراع في عقلك وأفكارك مصدره الأنا.. ومن هنا فإن اقتحامك للعقبة وانتصارك على الأنا ..هو تجردك من كل مركزية تبعدك عن مركزية الله عز وجل..
كيف تنتصر على الأنا؟
لكن كيف تنتصر على الأنا؟.. - بالاستعانة بالأدوات التي منحها الله عز وجل إليك .. وبتنفيذ منهجه في اقتحام العقبة.

ما هي هذه الأدوات ؟

الآيات التي قبلها، قوله تعالى : «أَلَمْ نَجْعَل لَّهُ عَيْنَيْنِ *وَلِسَانًا وَشَفَتَيْنِ *وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ».. هنا يقول المولى: (عينين ..لسانًا..شفتين ..هدايتك للنجدين).
أي: عينين : ليست مجرد رؤية، وجودها لمشاهدة كل شيء حولك ورصده .. تحت مركزية الله ..وإنما العين التي تصل بك لعين البصيرة..
لسانًا: أي قول تنطقه وقدرة على التعبير والتواصل .. وكل قول وراءه نية في عقلك وبعده فعل يتم تنفيذه..
شفتين: أداة تحكُم في أنك تحتفظ بالقول قبل خروجه.. كأن الله يمنحك فرصة أخرى.. أن تراجع نفسك، وليس كون الكلمة على لسانك يعني أن تخرجها مهما كانت خطأ.. الشفتين هما وسيلتك للصمت!

اقرأ أيضا:

شباب بني إسرائيل.. عاص تشفع له الجبال.. وآخر يصلي على جنازته موسى

أنت بين هؤلاء

عليك أن تدري جيدًا أنك نية + قول + فعل .. والنية لا يعلمها إلا الله عز وجل .. أما القول وكل ما تنطقه هي لك أو عليك !
والكلمة إما أن يحركها مركزية نفسك وأهواءك، أو يحركها مركزية الله .. فإما تترجم إلى أفعال ، أو (كبر مقتًا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون )!
الكلمة تتحكم في مصيرك .. مع الله - مع نفسك - مع الآخر .. فإذا تحكمت فيها الأهواء وأصبحت مركزيتك وقوانينك،
(نفسك والآنا) فهذا أكثر شيء يهدد إيمانك بالله وسلامك النفسي.. (وهديناه النجدين ): النجد حرفيًا هو الطريق الوعر.. ومعناها في الآية .. طريقا الخير والشر، والله عز وجل عرفك إياهما بفطرتك ووهب لك الاختيار تختار ما بينهما.
كل هذه أدوات تملكها حتى تستطيع أن تقتحم العقبة! بأن تراقب ثلاثة أشياء.. (نواياك - أقوالك -أفعالك)
أي تراقب أحاسيسك .. مشاعرك ..انفعالاتك..أفكارك ..معاملاتك ..مواجهاتك .. اختلافاتك ..وترجعه للهداية التي بداخلك، (هديناه النجدين) .. أي هل خير أم شر.

منهج الله في اقتحام العقبة

قال تعالى: « فَكُّ رَقَبَةٍ *أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ * يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَةٍ * أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ »
أي:
-فك سجن إنسان وتهب له الحرية
-أو تطعم الطعام للمحتاجين
-أو تتكفل بيتيم وخاصة لو كان قريبًا لك
-أو تساعد فقيرًا وتفك كربه
لو نفذت كل هذا .. حينها ستستطيع أن تقتحم العقبة.