في غضون أشهر قليلة غيّر الفيروس التاجي (COVID-19) كيفية تعليم الطلاب في جميع أنحاء العالم، وتعطينا هذه التغييرات لمحة عن كيفية تغيير التعليم على المدى الطويل.
وحتى قبل COVID-19 ، كان هناك بالفعل نمو مرتفع واعتماد في تكنولوجيا التعليم، حيث وصلت استثمارات التعليم التقني العالمية إلى 18.66 مليار دولار أمريكي في عام 2019، ومن المتوقع أن يصل إجمالي سوق التعليم عبر الإنترنت إلى 350 مليار دولار بحلول عام 2025، سواء كانت تطبيقات اللغة، أو التدريس الافتراضي أو مؤتمرات الفيديو أو برامج التعلم عبر الإنترنت.
ومع انتشار الفيروس التاجي بسرعة عبر آسيا وأوروبا والشرق الأوسط والولايات المتحدة، اتخذت البلدان إجراءات سريعة وحاسمة للتخفيف من تطور الجائحة، بعد الإعلان عن توقف الحضور في المدارس والجامعات.
وقدرت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية أن أكثر من 421 مليون طفل قد تأثروا بسبب إغلاق المدارس المعلن عنها أو التي تم تنفيذها في 39 دولة، بالإضافة إلى ذلك، أعلنت 22 دولة أخرى عن عمليات إغلاق "محلية" جزئية.
هذا ودفعت قرارات محاولة السيطرة علي الفيروس علي ملايين الطلاب الذين تحولوا لخطة "التعليم المنزلي" المؤقتة، خاصة في بعض الدول الأكثر تأثرًا ، مثل الصين وكوريا الجنوبية وإيطاليا.ومن المؤكد أن هذه التغييرات تسببت في الكثير من التوتر والإنزعاج، لكنها ساعدت أيضا في ظهور أمثلة جديدة على الابتكار التعليمي، على الرغم من أنه من السابق لأوانه الحكم على كيفية تأثير COVID-19 على أنظمة التعليم في جميع أنحاء العالم، إلا أن هناك دلائل تشير إلى أنه يمكن أن يكون لها تأثير دائم على مسار التعلم.
اقرأ أيضا:
عين السرو.. تمتلئ حينما تقترب منها وتجف عندما تبتعد.. فما تفسير ذلك؟لذا قدم الموقع الرسمي للمنتدى الاقتصادي العالمي ثلاثة اتجاهات يمكن أن تلمح إلى مستقبل التعلم الرقمي بعد كورونا.
1- التعليم الرقمي يمكن أن يؤدي إلى مزيد من الابتكار
إن بطء وتيرة التغيير في المؤسسات الأكاديمية على مستوى العالم كان أمر محزن، مع مناهج التدريس القائمة على المحاضرات منذ قرون، والتحيزات المؤسسية، والفصول الدراسية التي عفا عليها الزمن.
لذا أصبح COVID-19 محفزًا للمؤسسات التعليمية في جميع أنحاء العالم للبحث عن حلول مبتكرة في فترة زمنية قصيرة نسبيًا للمساعدة في إبطاء انتشار الفيروس.
وقد بدأ الطلاب في هونج كونج التعلم في المنزل، منذ فبراير، عبر تطبيقات تفاعلية، وفي الصين حصل 120 مليون صيني على مواد تعليمية من خلال البث التلفزيوني المباشر.
كما تم تنفيذ حلول أخرى أبسط - لكنها ليست أقل إبداعًا - حول العالم، ففي إحدى المدارس النيجيرية تم تعزيز أدوات التعلم غير المتزامنة القياسية عبر الإنترنت مثل توفير مواد القراءة عبر Google Classroom، باستخدام الفيديوهات المتزامنة وجهاً لوجه، وذلك للمساعدة على منع إغلاق المدارس.
اقرأ أيضا:
قالوا عن النساء.. ماذا عن الزوجة الأولى والثانية؟وبالمثل بدأ الطلاب في إحدى المدارس في لبنان الاستفادة من التعلم عبر الإنترنت، حتى بالنسبة لموضوعات مثل التربية البدنية، قام الطلاب بتصوير مقاطع فيديو خاصة بهم حول التدريب الرياضي والرياضة وإرسالها إلى معلميهم على أنها "واجبات منزلية" ، مما يدفع الطلاب إلى تعلم مهارات رقمية جديدة.
وعلق أحد الوالدين قائلاً، "بينما استغرق التمرين الرياضي بضع دقائق، أمضى ابني ثلاث ساعات في التصوير وتحرير وإرسال الفيديو بالتنسيق الصحيح إلى معلمه".
مع زيادة انتشار تقنية 5G في دول مثل الصين والولايات المتحدة واليابان، سنرى المتعلمين ومقدمي الحلول يتبنون مفهوم "التعلم في أي مكان وفي أي وقت" للتعليم الرقمي في مجموعة متنوعة من الأشكال.
وسيتم استكمال التعلم التقليدي في الفصل الدراسي بطرق تعلم جديدة من البث المباشر إلى تجارب الواقع الافتراضي، يمكن أن يصبح التعلم عادة مدمجة في الروتين اليومي، وهو أسلوب حياة حقيقي وفعال.
2 - زيادة أهمية الشراكات التعليمية بين القطاعين العام والخاص
في الفترة القليلة الماضية، شهدنا تشكيل اتحادات وتحالفات تعلم، بما في ذلك الحكومات والناشرون ومحترفو التعليم ومقدمو التكنولوجيا ومشغلو شبكات الاتصالات، حيث اجتمع هؤلاء علي استخدام المنصات الرقمية كحل مؤقت للأزمة.
وفي الدول الناشئة يتم توفير التعليم في الغالب من قبل الحكومة، ويمكن أن يصبح هذا اتجاهًا سائدًا وتبعيًا للتعليم المستقبلي.
في الصين جمعت وزارة التعليم مجموعة من المكونات المتنوعة لتطوير منصة جديدة للبث والتعلم عبر الإنترنت، بالإضافة إلى ترقية البنية التحتية التعليمية، بقيادة وزارة التعليم ووزارة الصناعة وتكنولوجيا المعلومات .
وبالمثل فإن منتدى readtogether.hk ومقره هونج كونج، وهو اتحاد يضم أكثر من 60 مؤسسة تعليمية وناشر ووسائط إعلام ومحترفي صناعة ترفيه، ويوفر أكثر من 900 محتوي تعليمي، بما في ذلك مقاطع الفيديو وفصول الكتب وأدوات التقييم، والخدمات الاستشارية مجانا، ويهدف المنتدي لاستمرار استخدام وصيانة المنصة حتى بعد احتواء COVID-19.
من خلال أمثلة كهذه من الواضح أن الابتكار التعليمي يحظى باهتمام يتجاوز المشروع الاجتماعي النموذجي الذي تموله الحكومة أو غير الربحي.في العقد الماضي شهدنا بالفعل اهتمامًا واستثمارًا أكبر بكثير من القطاع الخاص في حلول التعليم والابتكار من Microsoft و Google في الولايات المتحدة إلى Samsung في كوريا إلى Tencent و Ping An و Alibaba في الصين.
في حين أن معظم المبادرات حتى تعتبر محدودة النطاق، ومعزولة نسبيًا، يمكن أن يمهد الوباء الطريق لتشكيل تحالفات واسعة النطاق عبر الصناعة حول هدف تعليمي مشترك.
3. اتساع الفجوة الرقمية
تجد معظم المدارس في المناطق المتأثرة حلولاً مؤقتة لمواصلة التدريس، ولكن جودة التعلم تعتمد بشكل كبير على مستوى وجودة الوصول الرقمي، فرعم كل شئ هناك حوالي 60٪ فقط من سكان العالم متصلين بالإنترنت.
وفي حين أن الفصول الافتراضية على الأجهزة اللوحية الشخصية قد تكون هي القاعدة في هونج كونج على سبيل المثال، سيعتمد العديد من الطلاب في الاقتصادات الأقل تطورًا على الدروس والواجبات المرسلة عبر WhatsApp أو البريد الإلكتروني.
علاوة على ذلك ، كلما كانت العائلات الفردية أقل ثراءً وذكاءً رقمياً، كلما تخلف طلابهم عن التعلم، وعندما تنتقل الفصول الدراسية عبر الإنترنت، سيخسر هؤلاء الأطفال بسبب تكلفة الأجهزة الرقمية واشتراكات خدمات الإنترنت.
وما لم تنخفض تكاليف الوصول وزيادة جودة الوصول في جميع البلدان، سوف تتفاقم الفجوة في جودة التعليم، وبالتالي المساواة الاجتماعية الاقتصادية، حتى أن الفجوة الرقمية يمكن أن تصبح أكثر تطرفًا إذا تم الوصول إلى التعليم من خلال التقنيات الحديثة فقط.
اقرأ أيضا:
النظافة من الإيمان.. والتعطر من أهم أسسها (ماذا عن المرأة؟) اقرأ أيضا:
العدل ميزان الحكم.. أغرب الحكايات في مجلس القضاء