للصحابة رضي الله عنهم عجائب تفوق الجبال في إيمانهم، وتكشف حقائق هذا الجيل الفريد،  الذي اختاره الله تعلى لصحبة نبيه الكريم صلى الله عليه وسلم.
ومن ذلك ما وقع للصحابي خالد بن سعيد بن العاص رضي الله عنه مع أبيه، حينما نوّر الله قلبه بالإيمان.

أول إخوته إسلامًا 

كان إسلام خالد بن سعيد بن العاص قديما وكان أول إخوته إسلاما.
 وكان بدء إسلامه أنه رأى في المنام أنه وقف به على شفير النار.. فذكر من سعتها ما الله أعلم به - ويرى في النوم كأن أباه يدفعه فيها، ويرى رسول الله صلى الله عليه وسلم آخذا بحقويه لئلا يقع، ففزع من نومه فقال: أحلف بالله إن هذه لرؤيا حق.
 فلقي أبا بكر بن أبي قحافة فذكر ذلك له، فقال: أريد بك خير، هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم اتبعه فإنك ستتبعه وتدخل معه في الإسلام، والإسلام يحجزك أن تدخل فيها، وأبوك واقع فيها، فلقي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بمكان يقال له "أجياد"، فقال: يا محمد، إلام تدعو؟ قال: «أدعوك إلى الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله، وتخلع ما أنت عليه من عبادة حجر لا يسمع ولا يضر ولا يبصر، ولا ينفع ولا يدري من عبده ممن لا يعبده» .
 قال خالد: فإني أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أنك رسول الله، فسر رسول الله صلى الله عليه وسلم بإسلامه.

اقرأ أيضا:

إسلام داهية العرب.. القصة كاملة

عقاب أبيه له 

وتغيب خالد وعلم أبوه بإسلامه، فأرسل في طلبه فأتي به فأنبه وضربه بمقرعة في يده حتى كسرها على رأسه، وقال: والله لأمنعنك القوت.
 فقال خالد: إن منعتني فإن الله يرزقني ما أعيش به، وانصرف إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان يلزمه ويكون معه.
وأرسل أبوه في طلبه من بقي من ولده ممن لم يسلم ورافعا مولاه فوجدوه، فأتوا به أباه - أبا أحيحة – لقب والده،  فأنبه وبكته وضربه بمقرعة في يده حتى كسرها على رأسه، ثم قال: أتبعت محمدا وأنت ترى خلافه قومه وما جاء به من عيب آلهتهم وعيبهم من مضى من آبائهم؟
 فقال خالد: قد صدق - والله - واتبعته، فغضب أبوه - أبو أحيحة - ونال منه وشتمه، ثم قال: اذهب حيث شئت والله لأمنعنك القوت.
 وتغيب عن أبيه في نواحي مكة حتى خرج أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أرض الحبشة في الهجرة الثانية، فكان خالد أول من هاجر إليه.
 وكان أبوه سعيد بن العاص بن أمية قد مرض فقال: لئن رفعني الله من مرضي هذا لا يعبد إله ابن أبي كبشة ببطن مكة أبدا – يعني النبي صلى الله عليه وسلم-.
فقال ابنه خالد بن سعيد عند ذلك: اللهم لا ترفعه، فتوفي في مرضه ذلك.