بالإضافة لنكهتها اللذيذة والغنية التي جعلتها من التوابل الرئيسية في جميع مطابخ العالم، إلا أن لـ"القرفة" أيضاً العديد من الفوائد الصحية التي أثبتت علميا في كثير من الأبحاث والدراسات.
حيث ثبُت أن القرفة قد تساعد في التحكم في نسبة السكر في الدم، لدى الأشخاص الذين يعانون من حالة تعرف باسم "مقدمات داء السكري"، كما يمكن أن تبطئ من التقدم إلى مرض السكري من النوع 2، وفقًا لدراسة تجريبية جديدة نشرت في مجلة جمعية الغدد الصماء، وقد أجريت الدراسة على 51 شخصًا يعانون من ارتفاع نسبة السكر في الدم.
وقال مؤلف الدراسة الدكتور جوليو روميو، وهو طبيب في مركز جوسلين للسكري في بوسطن، "نحن نبحث عن أساليب آمنة ودائمة وفعالة من حيث التكلفة للحد من التقدم من مقدمات السكري إلى مرض السكري من النوع 2".
وأضاف روميو، "أظهرت دراستنا التي استمرت 12 أسبوعًا، آثارًا مفيدة لإضافة القرفة إلى النظام الغذائي في الحفاظ على استقرار مستويات السكر في الدم لدى المشاركين المصابين بمقدمات السكري، وهذه النتائج توفر الأساس المنطقي لدراسات أطول وأكبر لمعالجة ما إذا كانت القرفة يمكن أن تقلل من خطر الإصابة بمرض السكري من النوع 2 بمرور الوقت."
اقرأ أيضا:
ما هو الفرق بين البيت العتيق والبيت المعمور؟ ومكان كل منهما؟
الآثار الصحية للقرفة
يتم استخراج القرفة من لحاء نبات استوائي دائم الخضرة، وقد تم استخدامها في طب الايورفيدا الهندي لعلاج مشاكل الجهاز التنفسي والجهاز الهضمي لعدة قرون. كما استخدم قدماء المصريين القرفة كعطر أثناء عملية التحنيط، بينما استخدمها الرومان في محارق الجنازة لإخفاء رائحة اللحم المحترق.
وهناك نوعان أساسيان من القرفة، "سيلان" التي تزرع في سريلانكا، و"كسيا" التي يتم إنتاجها على نطاق واسع في الصين وإندونيسيا، وتتمتع كاسيا بنكهة ورائحة أقوى، وبسبب تكلفتها المنخفضة، هي ما يشتريه معظمنا من المتجر لاستخدامه في طعامنا.
وقد ربطت أبحاث سابقة "القرفة" بتحسين مستويات السكر في الدم، ووجدت دراسة صغيرة أجريت على 18 شخصًا مصابين بداء السكري من النوع 2 أن الكاسيا كانت أكثر فعالية من النظام الغذائي وحده في خفض مستويات الجلوكوز في الدم، حتي أن نتيجة تناولها كان مشابهًا لأدوية مرض السكري التي تؤخذ عن طريق الفم.
كما وجدت دراسة أخرى أجريت على 60 شخصًا مصابًا بداء السكري من النوع 2، أن الجرعات الصغيرة من القرفة خفضت مستويات السكر في الدم، مع تحسين الكوليسترول الضار، والدهون الثلاثية والكوليسترول الكلي.
ومع ذلك، فشلت دراسات أخرى في تكرار هذه النتائج، حيث لم تجد مراجعة لبعض التجارب أدلة كافية لدعم استخدام القرفة للسيطرة على سكريات الدم.
ويعتقد روميو أن جزءًا من المشكلة هو أن الأشخاص الذين تم تشخيصهم بمرض السكري من النوع 2 من المحتمل أن يتناولوا أدوية متنوعة قد تتداخل مع نتائج الدراسة.
لذا قرر هو ومجموعة من الباحثين في كوريا الجنوبية التركيز بشكل خاص على الأشخاص المصابين بمرض السكري الذين لم يبدأوا فى تناول الأدوية بعد، وقال روميو، إن كوريا الجنوبية تم اختيارها للقيام بالدراسة، لأن معدلات الإصابة بمرض السكري في شرق وجنوب آسيا كانت ترتفع بمعدل سريع بشكل خاص على مدى العقود الثلاثة الماضية.
وقد أعطت التجربة السريرية العشوائية الصغيرة كبسولة 500 ملليجرام من القرفة لمجموعة من المشاركين، في حين أن المجموعة الأخري حصلت علي دواء وهمي، ثلاث مرات في اليوم على مدى 12 أسبوعًا، واستخدمت الدراسة اختبارًا شديد الحساسية للجلوكوز في الدم الصائم لقياس الاستجابة.
وقال روميو إن "الفرق بين مجموعات المرضى كان كبيرا، حيث كانت مستويات الجلوكوز في الدم لدى المشاركين الذين تم إعطائهم القرفة لا ترتفع مثل المشاركين في العلاج الوهمي بعد الوجبات".
اقرأ أيضا:
التقويم الهجري القمري.. تقويم رباني معجز لا يخضع مساره لتغيير البشر
هل مقدمات مرض السكري خطيرة؟
وفقا للمراكز الأمريكية للسيطرة على الأمراض والوقاية منها، "لا تدعها تخدعك"، فمقدمات السكري هي حالة صحية خطيرة، حيث تكون مستويات السكر في الدم أعلى من المعتاد، ولكنها ليست عالية بما يكفي لتشخيص مرض السكري، كما أن مقدمات السكري تزيد من خطر الإصابة بالنوع الثاني من مرض السكري، وأمراض القلب والسكتة الدماغية.
ووفقًا لمنظمة الصحة العالمية فإن أكثر من 422 مليون نسمة مصابون بمرض السكري في جميع أنحاء العالم، وتشير الدراسات إلى أن حوالي 352 مليون شخص مصابون بالسكري في عام 2017، وبحلول عام 2045، يقدر أن ينمو هذا العدد إلى 587 مليون شخص، كما من المتوقع أن يصبح السكري سابع أسباب الوفاة الرئيسية في العالم بحلول عام 2030.
وتحدث مقدمات السكري عندما لا تستجيب خلايا الجسم بشكل طبيعي للأنسولين، وهو هرمون يصنعه البنكرياس، ويعمل الأنسولين كمفتاح، ليفتح أبواب الخلايا للسماح بدخول الجلوكوز في مجرى الدم واستخدامه للطاقة، ثم يقوم بتخزين أي جلوكوز متبقي في الكبد.
وعندما تفشل الخلايا في الانفتاح، تنتج خلايا بيتا في البنكرياس المزيد والمزيد من الأنسولين في محاولة لإجبار الخلايا على الاستجابة، وبعد مرور بعض الوقت، تتلاشى خلايا بيتا هذه، وتتراكم مستويات الجلوكوز في مجرى الدم، مما يخلق مقدمات داء السكري، وإذا لم يتم الانتباه له، فإن ذلك يتحول مع الوقت إلي مرض السكري من النوع 2 المزمن.
وللتأكد من عدم إصابتك بمقدمات السكري، إذا كان مستوى الجلوكوز لديك بعد الصيام طوال الليل يتراوح بين 100 و 125 ملليجرام لكل ديسيلتر (ملجم / ديسيلتر) من الدم، وفقًا لجمعية السكري الأمريكية، حيث تعني القراءة التي تبلغ 126 ملجم / ديسيلتر وأعلى أنك مصاب بداء السكري من النوع 2.
والجدير بالذكر أن مقدمات السكري ممكن أن تظل موجودة لسنوات دون أعراض واضحة، ووفقا لمراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها فأن أكثر من 84٪ من الأشخاص المصابين بهذه الحالة ليس لديهم أي دليل على أنهم في خطر.لكن في نفس الوقت يمكن أن يؤثر مرض السكري على كل عضو رئيسي في الجسم، ويؤدي إلى الفشل الكلوي والعمى وأمراض القلب والسكتة الدماغية وتلف كل من الأوعية الدموية الكبيرة والصغيرة في الجسم، كما يمكن أن يؤدي هذا إلى العجز الجنسي لدى الرجال والخلل الجنسي لدى النساء، بالإضافة إلى تلف الأعصاب في الساقين والقدمين وأصابع القدم، مما قد يؤدي إلى البتر.
ويعتبر تغيير نمط الحياة إجراء أساسي لمنع مقدمات السكري من التصاعد إلى مرض السكري من النوع 2، حيث يقول الخبراء، إنه حتى فقدان كمية صغيرة من الوزن، مثل 5٪ إلى 7٪ من وزن جسمك، يمكن أن يحدث فرقًا.
كما يجب أن ضع في اعتبارك النظام الغذائي الصحي المتوازن، قد ثبت أنه يمنع تطور الأمراض المزمنة مثل مرض السكري والسرطان وتصلب الشرايين، بالإضافة إلى المساعدة في إنقاص الوزن.
والنشاط البدني المنتظم هو ضرورة أخرى، حيث يجب أن يقوم الإنسان بممارسة الرياضة 30 دقيقة في اليوم ، خمسة أيام في الأسبوع، سواء بالمشي السريع أو الجري أو أي نشاط مماثل يمكن أن يحدث فرقًا أيضًا.
اقرأ أيضا:
وبدأ موسم الرمان.. فوائد سحرية لقلبك ومناعتك والوقاية من هذه الأمراض
استخدام القرفة في المنزل
بينما يستمر العلم في اختبار الفعالية الحقيقية للقرفة، يقول الخبراء أن رش القرفة على الطعام لن يضر بك، وقد يكون بديلاً جيدًا للسكر والملح وعوامل النكهة الأخرى غير الجيدة لمرض السكري.
لكن كن حذرًا ولا تستخدم الكثير من القرفة في الطعام، إذ تعد قرفة كاسيا، النوع الأكثر شيوعًا، يمكن أن تحتوي على تركيزات عالية نسبيًا من الكومارين، وهو مركب نباتي يمكن أن يتلف الكبد.
وقالت اختصاصية التغذية المسجّلة ليزا درير، التي تكتب عن التغذية لشبكة CNN ، في مقابلة سابقة ، إن الحد الموصى به من إدارة الغذاء والدواء هو 6 جرامات في اليوم من القرفة، وهي عبارة عن ملعقة كبيرة.
وقال درير "أعتقد أن خلاصة القول هي أن القرفة عنصر أساسي في رف التوابل، حيث يمكن أن تضيف نكهة إلى الأطعمة بأقل سعرات حرارية، مع خصائص مضادة للأكسدة قد تعطي ميزة لأولئك الذين يتطلعون إلى التحكم في نسبة السكر في الدم بشكل أفضل".
"لكننا بحاجة إلى رؤية المزيد من الأبحاث قبل أن نتمكن من تقديم أي ادعاءات صحية قوية تربط بين القرفة وتقليل خطر الإصابة بالأمراض أو تحسين الصحة".
اقرأ أيضا:
"حدائق الشيطان".. الشباب والفتيات يقعون في المحظور.. وهناك من يبتزهم؟ اقرأ أيضا:
مسجد قبة الصخرة.. ما علاقته بالمسجد الأقصى؟.. وهل الصخرة من الجنة ومعلقة بين السماء والأرض؟