أنا أم لدي ابنة متفوقة دائمًا، وفي الحقيقة نحن عائلة كل أبناءها متفوقين وتقلدوا مناصب ومكانة راقية ولا نقبل أقل من هذا لأبنائنا.
ومشكلتي أن ابنتي متأزمة نفسيًا منذ وبختها لعدم حصولها على الدرجات النهائية مما لا يبشر بامكانية حصولها العام القادم على مجموع يؤهلها لدخول كلية الطب، فأنا حزنت بشدة لأنني أحسسست أنها ستكرر خطأي ولا تصبح طبيبة.
أنا زرعت في ابنتي منذ الصغر أن الدراسة هي أهم شيء، والتفوق الدراسي هو الحياة وما سيمنحها القيمة في الحياة وأنتج هذا فائدة عظيمة طوال السنوات السابقة، حتى حدثت هذه الخيبة هذا العام.
ماذا أفعل مع ابنتي لتعود للتفوق وحل أزمتها النفسية؟
الرد:
مرحبًا بك عزيزتي الأم..
أحييك لحرصك على ابنتك ومستقبلها وحياتها، وأتفهم بالتأكيد حرصك على مستقبلها وأمانيتك أن تحصل على فرص أفضل مما أتيحت لك، إلا أن هذا الحرص عندما يتحول إلى فكرة قابلة للصواب أو الخطأ، كالالتحاق بكلية الطب أو الهندسة، أو أي كلية علمية أو أدبية مصنفة على أنها من كليات القمة كما هو شائع، كسبيل وحيد لتحصيل المكانة والصيت والوجاهة والتحقق الذاتي، يقف عائقاً أمام ابنتك بدلاً من مساعدتها، فقد جعلت منها "مشروعًا" للأسرة، تحققون من خلاله ما لم تحققوه لأنفسكم.
ربما تفوقت ابنتك كل هذه السنوات بدافع الولاء للأهل، واللحاق بأمانيكم فيها، وفقط، وها هي متأزمة ومصابة بالتوتر لأنها تخلفت بدرجة دراسية واحدة!
اقرأ أيضا:
متى يبدأ "مركب النقص" وكيف تتخلص منه؟ إنني لا أدعوك لعدم تشجيع ابنتك على شحذ قدراتها وتفعيلها، وإنما أن يكون التشجيع إيجابي يستطيع الطفل من خلاله اكتشاف مهاراته وتنميتها بطريقته والسعي للنجاح أياً كان الطريق، لا التخويف من الفشل لو لم يصل لشيء بعينه.
أرجو ألا تدفعي ابنتك يا سيدتي للمثالية فتصبح شبحًا يطاردها ويدفعها لعدم الرضى عن أي شيء تنجزه وتحققه مهما كان..
أرجو أن تتيحي لها فرصة حقيقية للتحرر من مخاوفك الخاصة وتوقعاتك المسبقة لتتحلى ابنتك بالحرية والمسؤولية في حياتها التي هي أوسع وأشمل من التفوق الدراسي..
أرجو يا سيدتي أن تمنحي ابنتك علاقة آمنة، يصلها منك قبول وحب واحترام وتقدير غير محكوم وغير مشروط بإنجاز ما أو درجة ما. أرجو يا سيدتي أن تكوني الحضن الدافيء، وصوت الحكمة لابنتك، الذي يذكرها بنتائجها الجيدة على أرض الواقع ويحجم ميلها إلى تهويل السلبيات وغض النظر عن الإيجابيات.
أرجو يا سيدتي أن لا تسجني ابنتك في سجن الدرجات وكلية القمة ولو كان ذلك من سلوكيات عائلتكم أو تقاليدها، فالمهم هو صورة ابنتك الذاتية الجيدة عن نفسها وهذه من المقدسات لا تسمحي بتجاوزها ولا هدمها، ودمت بخير.
اقرأ أيضا:
هل يبدأ الحب عند الرجل بعد الخمسين؟ اقرأ أيضا:
مختلفة مع زوجي حول ضرب أولادنا لتربيتهم.. ما الحل؟