كان النبي صلى الله عليه وسلم يتمتع بكامل الفراسة والفطانة، ولا شك في ذلك وهو سيد الأذكياء صلى الله عليه وسلم، حيث كانت فراسته وفطانته تقع موقعها، ومن ذلك أنه كان يخص قوما دون آخرين في تحمل الأمانة والعلم.
وقد كان صلى الله عليه وسلم يخص بالعلم قوما دون دون قوم كراهية أن لا يفهموا.
يقول أنس- رضي الله تعالى عنه- إن النبي صلى الله عليه وسلم ومعاذ رديفه على الرحل فقال: يا معاذ بن جبل، قال: لبيك يا رسول الله وسعديك، قال: يا معاذ، قال: لبيك وسعديك ثلاثا، قال: ما من أحد يشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله صدقا من قلبه إلا حرمه الله على النار، قال: يا رسول الله، أفلا أخبر به الناس فيستبشروا؟ قال: إذن يتكلوا، وأخبر بها عند موته تأثما.
كما كان صلى الله عليه وسلم يجيب بأوفر الإجابة والتوسعة على الأمة، فلذلك حينما سألوه عن حكم ماء البحر هل هو طاهر أم نجس أجابهم " هو الطهور ماؤه"، وزادهم خيرا :" الحل ميتته"، توسعة على أمته وزيادة في الخير للسائل.
وقد روى ابن عمر- رضي الله تعالى عنهما- أن رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يلبس المحرم؟
فقال: لا يلبس القميص، ولا العمامة ولا السراويل والبرس ولا ثوبا مسه الورس أو الزعفران، فإن لم يجد النعلين فليلبس الخفين، وليقطعهما حتى يكونا تحت الكعبين.
وكان صلى الله عليه وسلم من تواضعه ورفقه بسائله يأخذ بيده، حيث يقول أبو قتادة وأبو الدهماء : أتينا على رجل من أهل البادية، فقال: أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي، فجعل يعلمني مما علمه الله، فكان مما حفظت أن قال: لا تدع شيئا اتقاء الله إلا أبدلك الله خيرا منه.
تواضع وآداب أخرى:
يقول أبو أمامة- رضي الله تعالى عنه- : خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم علي جماعة لهم قاص يقصّ، فلما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم أمسك، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم قُصْ، ثم قال: لأن أقعد هذا المقعد غدوة حتى تشرق الشمس أحب إلي من أعتق أربع رقاب.
ويقول أحد الصحابة: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنى يخطب على بغلة وعليه برد أحمر، وعلي- رضي الله تعالى عنه- أمامه يعبر عنه ما يقول، فجئت حتى دخلت بين شراك النبي صلى الله عليه وسلم وقدمه، فجعلت أعجب من بردها.
وعن ابن عباس- رضي الله عنهما- قال: لما وقف رسول الله صلى الله عليه وسلم بعرفة أمر ربيعة بن أمية بن خلف، فقام تحت يدي ناقته، وكان رجلا صيتا، فقال: اصرخ، أيها الناس، أتدرون أي شهر هذا؟ فصرخ، فقال الناس: الشهر الحرام، فقال: اصرخ، أي بلد هذا؟ قالوا: البلد الحرام، قال: اصرخ، أي يوم هذا؟ قالوا: الحج الأكبر، فقال: اصرخ، فقل: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد حرم عليكم دماءكم وأموالكم كحرمة شهركم هذا وكحرمة بلدكم هذا.
اقرأ أيضا:
قصة النار التي أخبر النبي بظهورها