ضرب يوشيهيدي سوجا، رئيس الوزراء الجديد في اليابان، المثل والقدوة في العمل العصامي، بعدما وافق البرلمان الياباني على انتخاب يوشيهيدي سوغا (71 عاما)، رئيساً جديداً للوزراء بدلاً من شينزو آبي الذي قدم استقالته نهاية أغسطس الماضي لأسباب صحية.
فمن هو سوجا؟
بدأ يوشيهيدي سوجا حياته عاملاً في مصنع للكرتون، وينتمي لعائلة من مزارعي الفراولة، ليصبح قائداً لثالث أكبر اقتصادات العالم.
انتخب سوجا زعيماً للحزب الليبرالي الديمقراطي بحوالى 70 في المئة من الأصوات، لكنه كان بحاجة إلى دعم المجلس التشريعي الوطني للبلاد "دايت" قبل أن يصبح رئيساً رسمياً للوزراء. وفاز في تصويت "دايت" بـ 314 صوتاً من أصل 465 في مجلس النواب، و142 من أصل 240 صوتاً في مجلس المستشارين.
يقول موقع "اندبندنت عربي" إن تعيين سوجا كبديل لآبي ليس مفاجئاً، إذ كان يمثل اليد اليمنى للزعيم الياباني السابق خلال ما يقارب ثماني سنوات قضاها آبي في منصبه الأخير، وشغل سوغا منصب وزير شؤون مجلس الوزراء، ويُعرف بأنه سياسي ناجح يمكنه إنجاز الأمور، وعمل جنباً إلى جنب مع الزعيم السابق لتنفيذ "أبينوميكس"، وهي سلسلة سياسات اقتصادية صمّمت لتعزيز الاقتصاد الياباني المتعثر.
سوجا يرتبط ارتباطاً وثيقاً برئيس الوزراء السابق، لدرجة أن نائب العميد وأستاذ السياسة الدولية في جامعة هوكايدو كازوتو سوزوكي، وصفه بـ "بديل آبي".
وفور تأكيد انتخابه، أعلن رئيس الوزراء الجديد تشكيلته الوزارية التي تضمنت عدداً كبيراً من المعيّنين السابقين لآبي، وذلك على الأرجح لتعزيز الانطباع بالاستقرار والاستمرارية بين الزعيمين.
اظهار أخبار متعلقة
رحلة الصعود والشهرة
ظل سوجا بعيداً من الأنظار معظم حياته المهنية، ويشير كذلك إلى أنه لم يكن يرغب في أن يصبح مزارعاً، بالرغم من أنه كان الابن الأكبر لوالده، ومن المفترض أن يتولى إدارة أعمال العائلة. ويقول سوغا إنه بعدما أنهى المدرسة الثانوية غادر منزل العائلة للعثور على عمل في طوكيو، وانتهى به الأمر في مصنع للكرتون، لكنه سرعان ما أصيب بخيبة أمل واستقال، ليلتحق بجامعة هوسي عام 1969.
ولم يهتم سوجا بموجة الاحتجاجات الطلابية ضد التحالف الأمني الياباني - الأمريكي وحرب فيتنام التي اجتاحت البلاد في ذلك الوقت، فقد كان مشغولاً بعدد من الوظائف، مثل العمل كحارس أمن ومساعد في غرفة تحرير أخبار إحدى الصحف لدفع تكاليف دراسته، كما خصص وقتاً لممارسة الرياضة، وأصبح نائب قائد فريق الكاراتيه في الجامعة.
بعد سنوات قليلة من تخرجه والانضمام إلى شركة صيانة كهربائية، أصبح سوغا مهتماً أكثر بالسياسة، وعمل سكرتيراً لعضو في الحزب الليبرالي الديمقراطي، وتعلم خصوصيات وعموميات التجارة لأكثر من عقد، قبل الترشح بنجاح لمجلس مدينة يوكوهاما عام 1987.
جاءت فرصته لدخول معترك السياسة الوطنية عام 1996، عندما توفي نجل عضو مسنّ في مجلس النواب كان من المقرر أن يتولى دائرة والده، تاركاً مكاناً مفتوحاً للترشح على بطاقة الحزب الليبرالي الديمقراطي، وبالفعل فاز سوغا بالمقعد وعمره وقتها 47 عاماً.
يعرف سوجا بسمعته كرجل عصامي، وشعاره هو "حيث توجد الإرادة... يوجد سبيل"، ومن ثم تتناقض خلفيته بشكل كبير مع آبي، الذي هو سليل عائلة سياسية تم إعداده للمنصب منذ صغره، لكن أصبح الرجلان قريبين للغاية بسبب شغفهما المشترك بتأمين عودة المواطنين اليابانيين الذين اختطفتهم كوريا الشمالية في السبعينيات والثمانينيات، وحصل سوغا على أول منصب وزاري له خلال الفترة الأولى التي قضاها آبي في السلطة بين عامي 2006 و2007.
مدمن عمل
وبحسب الصحافة اليابانية، فإن سوجا مدمن عمل شره، فطوال ثماني سنوات عمل خلالها وزيراً لشؤون مجلس الوزراء، اتبع روتيناً صباحياً صارماً يتمثل في الاستيقاظ منذ الخامسة صباحاً، ليقضي ساعة في التحقق من الأخبار بما في ذلك جميع الصحف الرئيسة والتليفزيون، ويمشي مدة 40 دقيقة ويؤدي 100 تمرين، ثم يتناول الإفطار وبعدها يذهب إلى العمل بمكتب رئيس الوزراء في التاسعة صباحاً.
وخلال يوم العمل، داوم سوغا على عقد مؤتمرات صحافية مرتين يومياً بصفته المتحدث الرسمي باسم الحكومة، ونحو عشرين اجتماعاً. ويفضل تناول نودلز سوبا على الغداء حتى يتمكن من إنهاء الأكل في خمس دقائق.
وفي مستهل إدارته، يواجه سوجا تحديات كبيرة عدة، يطرحها بشكل رئيس فيروس كورونا المستجد "كوفيد-19". فبالرغم من السيطرة على موجة ثانية من الإصابات في البلاد، إلا أن المرض لا يزال يسبب اضطرابات كبيرة في الاقتصاد المحلي والعالمي. وفي أغسطس الماضي سجلت اليابان أسوأ انخفاض في الناتج المحلي الإجمالي لها على الإطلاق، مع انكماش الاقتصاد بنسبة 7.8 في المائة خلال الربع الثاني من 2020.
وتواجه اليابان أيضاً مشكلات اقتصادية واجتماعية كبيرة طويلة الأجل، مثل الديون الحكومية الهائلة، وشيخوخة السكان، بالرغم من دعوات آبي العامة إلى تنفيذ إصلاحات من أجل المساواة بين الجنسين في مكان العمل، ويقول المنتقدون إنه لم يتم إحراز تقدم كاف خلال فترة وجوده في الحكومة.