البحث عن فضيحة.. بات هو عنوان الشارع الآن، وكأن كل مشاكلنا حلت، ولم يتبق سوى أن نبحث خلف الأبواب والجدران عن فضيحة تشغلنا يومًا بعد يوم.
انظر لما قاله الإمام علي ابن أبي طالب رضي الله عنه: «ولو رأيت الفضيحة بأم عيني لسترتها بردائي فإن مذيع الفاحشة كفاعلها»، بينما نحن ننتظر خروج الشائعة ثم نتحرك كالذباب، ننشر الخبث بين الناس، ونفرح جدًا للأذى النفسي الذي يطول البعض.. وننسى أن كلنا نخطئ ونصيب، بل وننسى أن نبي الله عيسى عليه السلام قال لمن أراد أن يقذف المرأة التي اتهمت بالزنا: «من كان منكم بلا خطيئة فليلقها بحجر».. فمن منا بلا خطيئة إذن؟.
الفضيحة القاتلة
الفضيحة أمر ينهى عنه الإسلام جملة وتفصيلا، لأنها تؤدي إلى القتل، وإلى أمور لا يمكن تصورها، فكيف لا يتخيل إنسان يمشي في فضح امرأة ما، بأن فضحه لها قد يؤدي إلى قتلها؟.. وهنا بالتأكيد سيكون هو القاتل وإن كان ليس بيده، قال تعالى يحذرنا من ذلك: «وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ ۚ»، وبالتالي حتى لو رأيت امرأة تفعل الفاحشة وبيدك أن تسترها فافعل.. فهكذا عملنا الشرع الحنيف.
إذ يروى أن صحابيًا زنا، وذهب لصديق له يعترف له بذلك ويسأله ماذا يفعل، فما كان من الصديق، إلا أن أخبره بضرورة الاعتراف للنبي الأكرم صلى الله عليه وسلم، ومن ثم تطبيق عقوبة الزنا في الإسلام عليه، فلما ذهب إلى النبي صلى الله عليه وسلم، أعرض عنه، إلا أنه أصر فلم يكن بد من إقامة الحد، حد الرجم، فرجمه الصحابة حتى فاضت روحه إلى بارئها، ثم صلى عليه النبي صلى الله عليه وسلم، ودعا له، واستغفر، وأثنى على توبته وصدقه مع ربه، فلما بلغ النبي صلى الله عليه وسلم أن صديقه وكان يدعى هزال الأسلمي هو الذي أشار عليه بالاعتراف، دعاه ثم قال: «يا هزال، لو سترته بثوبك، كان خيرًا لك مما صنعت به».. انظر رغم أنه رجل أذنب بالفعل، ولكن الأصل في الإسلام الستر، ولكننا نبحث عن الفضيحة كمن يبحث عن طعام يسد جوعه.
اقرأ أيضا:
الجمعة عيد المسلمين.. ماذا عن" الصدقة" وآداب هذا اليوم؟جمال الستر
للأسف باتت الفضيحة كالعادة، اعتادها الناس، حتى كأنها الهوى الذي يتنفسونه، تنتقل سريعًا كالنار في الهشيم وأسرع، ولا يقوى على صدها أحد مهما كان، ونسينا أن الستر أجمل، وأن من ستر مسلمًا ستره الله يوم القيامة، بل أن الله عز وجل وصف نفسه بأنه ستير يستر كثيرًا من الناس، ويحب أهل الستر، ففي الحديث الصحيح يقول النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم: «إن الله حيي ستير، يحب الحياء والستر».