عزيزي المسلم، حينما تفتح القرآن الكريم، تجد سيدنا يوسف عليه السلام يقول: «وَلَمَّا دَخَلُوا عَلَىٰ يُوسُفَ آوَىٰ إِلَيْهِ أَخَاهُ ۖ قَالَ إِنِّي أَنَا أَخُوكَ فَلَا تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ» (69).. وهذا سيدنا شعيب عليه السلام يقول: «فَلَمَّا جَاءهُ وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ قَالَ لا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ».. وهذا سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم يقول: «إِلَّا تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا ۖ فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَىٰ ۗ وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا ۗ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ».. كل هذه اللاءات التي تعملنا أن الله معنا أينما كنا، وأنه سينصرنا لا محالة، ومع ذلك دائمًا ما ننسى كلمة (لا) ونتذكر فقط الخوف والقلق واليأس والحزن!.
تحزن وهنا الله
عزيزي المسلم، كيف لك أن تحزن وهنا الله، أينما كنت يكون، وأمره بين الكاف والنون، فإذا أراد أمرًا فإنما يقول له كن فيكون، كيف تحزن وأنت مع الأعلون، نعم طالما نطقت بالشهادتين، والتزمت بما جاء نبيك الأكرم محمد صلى الله عليه وسلم، فكيف بك تخف أو تقلق أو تحزن؟، ألم تسمع قوله تعالى: «وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ»، إذن الشرط أن تؤمن أولا، ثم تكون النتيجة ألا تحزن، وما ذلك إلا ليقينك في الله عز وجل، وما ذلك إلا لأن الحزن خمود وويأس وكسل، بل هو أحب شيء إلى الشيطان الرجيم، لِيقطع العبد عن سيره إلى الجنة، قال تعالى: « إِنَّمَا النَّجْوَى مِنْ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا » (المجادلة: 10).. إذن الله يوجهنا، ونحن نقطع عنا كل حبال الأمل.. لماذا؟.
اقرأ أيضا:
من نفحات الحج المبرور.. فقراء بكوا لزيارته وأغنياء استبدلوه بمتعتهم الزائلةغير مطلوب
بالأساس الحزن ليس مطلوبًا لكل عباد الله المؤمنين، بل أنه ليس من خصائصهم أبدًا، لأن الحزن والقلق لا يمكن أن يجتمعان في قلب امرئ مسلم، مؤمن وموقن في الله عز وجل، حتى إذا عظم البلاء، فإنما يعظم لأن الله يختبر الناس ليميز الخبيث من الطيب، فإياك أن تقع في براثن الخبث، وكن مع المميزين، وتذكر دائمًا قول النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم: «إِن عظم الجزاء مع عظم البلاء، وإِن الله إِذا أحب ومًا ابتلاهم، فمن رضي فله الرضا، ومن سخط فله السخط».