غريب أمرنا هذه الأيام، ترى بعضنا البعض يحذرنا من أمور، لو فعلناها لسرنا من المقربين إلى الله تعالى، ومن ذلك، أن ترى أحدهم يحذر غيره من أن يمشي في (عتمة الفجر)، وتراه يروي لك حكايات عديدة عن صعوبة الأمر، أو الخوف الذي تعرض له، وينسى هذا أن السير في هذه الظلمة أو (العتمة)، إنما هو تقربًا إلى الله تعالى، وأن النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم وعد المشائين في الظلم بأجر عظيم، فكيف يحرم العبد نفسه من النور التام يوم القيامة ذلك النور الذي أعده الله لأهل الفجر وبشر به رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل الفجر فقال: «بشر المشائين في الظلم إلى المساجد بالنور التام يوم القيامة».
لماذا الفجر؟
(اشمعنى الفجر).. هكذا قد يسأل أحدهم،، هناك الظهر والعصر والمغرب والعشاء، لأول وهلة وأنت تجيب على هذا التساؤل، ترى تخيلك يذهب إلى (العتمة)، في هذا الوقت يكون كل الناس نيام، بل أنه أفضل الأوقات للنوم، لكن الله يناديك، فكيف لا تجيبه؟.. يقول الله جل وعلا في كتابه الكريم: « أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا » (الإسراء: 78)، وفي ذلك يقول سيدنا عبد الله ابن مسعود رضي الله عنه: (وقرآن الفجر): أي صلاة الفجر، ومعنى مشهودا أي تشهدها الملائكة حفظة الليل وحفظة النهار.. فأي جلال وجمال أفضل من ذلك؟.. بالتأكيد لا يوجد.. فكيف بك تمشي إلى المسجد في عتمة الفجر، وأنت يتابعك الملائكة، تخيل جمال الموقف، واختر أن تكون واحدًا من هؤلاء الذين اختاروا المشي في الظلمات.
اقرأ أيضا:
أعمال نحسبها حلالاً لكنها كانت في عهد النبي من "الموبقات"شهادة الملائكة فيك
بالتأكيد يتناوب على الأرض ملائكة الله، ينقلون إليه سبحانه أحوال عباده، فتخيل، تكون شهادتهم فيك، أنهم تركوك تصلي.. يا الله على عظمة هذه الشهادة.. يقول النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم : «يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار ويجتمعون في صلاة الصبح وفي صلاة العصر ثم يعرج الذين باتوا فيكم ويسألهم ربهم وهو أعلم بهم: كيف تركتم عبادي فيقولون: تركناهم وهم يصلون وأتيناهم وهم يصلون»، فهؤلاء لم يمنعهم الظلام الدامس في الدنيا من حضور الفجر فكان جزاؤهم عند الله يوم القيامة النور التام، قال تعالى: « يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَن يُكَفِّرَ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ».