يقول أحد الحكماء: «يؤتى الإنسان بحسن نيته ما لا يناله بغيرها».. أي أن كثيرًا من الناس ربما يجتهدون في عمل ما، لكن نواياهم لا تكن بالقدر الكافي، فيصيبهم بعض مما انتووا.. بينما صاحب النية الطيبة، ربما يناله الكثير رغم أنه لم يتخذ خطوات في سبيل تحقيقها.. فالأول عاونه الشيطان فخسر، بينما الثاني عاونه الله وتوكل عليه واعتمد عليه سبحانه، فكانت النتيجة، فوزًا عظيمًا في الدنيا والآخرة.
فالإنسان الذي يحسن نيته لله عز وجل، لاشك ينال أجرين، في الدنيا والآخرة، وما ذلك إلا لأن شمول هذا العمل الصالح يتجاوز الحياة الدنيا كلها إلى ما وراءها، فعن سيدنا أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، وعلم ينتفع به، وولد صالح يدعو له».
المكانة الأعلى
النية هي الأساس في كل شيء، هي التي تحدد مصيرك وهدفك، وبالتالي نتيجتك، فعن سيدنا عمر ابن الخطاب رضي الله عنه، يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله، فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه».
إذن بالنية ربما تنال ما لا يمكن أن تناله بسعيك، فقد روى الإمام مسلم من حديث أبي موسى الأشعري: أن رجلاً أتى النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، الرجل يقاتل للمغنم، والرجل يقاتل ليذكر، والرجل يقاتل ليرى مكانه، فمن في سبيل الله؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من قاتل لتكون كلمة الله أعلى فهو في سبيل الله».
اقرأ أيضا:
أعمال نحسبها حلالاً لكنها كانت في عهد النبي من "الموبقات"نق نيتك
عزيزي المسلم، احرص على أن تنقي نيتك، مهما كانت المواقف والظروف، لأن الناس قد يعلمون بعض أفعالك، ورقيب وعتيد يعلمون كل أقوالك، لكن الله وحده الذي يعلم نيتك، فلتكن هذه العلاقة على أفضل ما يكون، لأنه الرقيب عليها هو الله بذاته العليا.. فلا تكن كالمنافقين، يبطنون غير ما يظهرون، لكن الله فضحهم، وكشفهم، ويوم القيامة سيكون كشفهم أمام الملأ، فإياك أن تقع في هذه الخية الكبيرة، قال تعالى: «إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلاَةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاؤُونَ النَّاسَ وَلاَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلاَّ قَلِيلاً » (النساء: ١٤٢).. وإياك أيضًا أن تتبع هواك فتضل وتشقى، قال تعالى: «وَمَنْ أَضَلُّ مِمَنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدىً مِنَ اللَّهِ » (القصص: ٥٠).