لو تصورنا أن الله عز وجل منح من فضله أهل القبور مساحة للعودة إلى الحياة الدنيا، ترى ما هو أول ما يتمناه أهل القبور، لو عرض عليهم العودة إلى الحياة مرة أخرى ولو لمدة دقيقة واحدة؟..
يقول أحد الحكماء: «لا تترك صلاتك أبدًا فهناك الملايين تحت القبور، يتمنون لو تعود بهم الحياة، ليسجدوا ولو سجدة واحدة».. انظر إلى أهم ما يمكن أن يشغل بال المتوفي بعد وفاته، هو العودة للسجود، لا للأكل ولا الشراب ولا النوم فوق الحرير، ولا الزوجة الجميلة، وإنما سجدة في جوف الليل والناس نيام، هي بالأمر كله، لكن من منا يعقل ويتوب ويعود إلى رشده قبل فوات الآوان؟!.
ماتوا وهم يتمنون العودة
قد يتصور كثير منا أن أغلب أهل القبور يتمنون العودة إلى الحياة الدنيا، وينسى هؤلاء أن القبر ليس هو المأوى الأخير، وإنما هو البرزخ قبل النعيم التام في الجنة إن شاء الله، أو وليعاذ بالله في الجحيم، لكن لو أن هناك أحدهم يتمنى العودة مؤكد كان سيختار أن يعود للعمل الصالح، فحتى هؤلاء الذين ماتوا ولم يلحقوا بعمل الخير سيتمنون ذلك، قال تعالى: «حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ » (المؤمنون 99 - 100).. انظر لجمال الآية ستجد أن الكل يتمنى العودة لكن لعمل الخير والصلاح والفلاح في الدنيا، وما ذلك إلا لأنه رأى الحقيقة كاملة لا عوج فيها ولا زيف.
اقرأ أيضا:
أخطأوا في حقك وجاؤوا معتذرين.. ماذا يجب عليك؟قبل الندم
عزيزي المسلم، قبل أن يأتي يوم الندم، وتمني العودة، وهو ما لا يمكن أن يحدث أبدًا، عد إلى صوابك وأنت في الدنيا، وتب إلى الله عز وجل، واجعلها باقي أيامك عودة وإنابة عن كل ما فات، فقد روى الإمام الترمذي رحمه الله تعالى في جامعه عن سيدنا أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم قال: «ما من أحدٍ يموت إلا ندِم، قالوا: وما ندامته يا رسول الله؟ قال: إن كان محسنًا ندِم ألا يكون ازداد، وإن كان مسيئًا ندم ألا يكون نزع».. ولذلك قال الله جل وعلا: « وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ » (العصر: 1 - 3).