منّ اله تعالى على أمة النبي صلى الله عليه وسلم، بمزيد من النعم والكرامات، التي لم تكن موجودة في الأمم السابقة، خاصة فيما يتعلق بتوبة العبد من ذنوبه، والتي صارت من أعظم الكرامات لأمة النبي صلى الله عليه وسلم، فالعبد يذنب سرا ويتوب سرا بخلاف ما كان موجودا في غيرنا من الأمم.
كرامة التوبة:
يقول الصحابي ابن مسعود رضي الله عنه وقد ذكر عنده بنو إسرائيل، وما فضلهم الله تعالى به.
فقال: كان بنو إسرائيل إذا أذنب أحدهم ذنبا، أصبح وقد كتب كفارته على أسكفة بابه، وجعلت كفارة ذنوبكم قولا تقولونه، تستغفرون الله فيغفر لكم، والذي نفسي بيده، لقد أعطانا الله آية لهي أحب إلي من الدنيا وما فيها :" والذين إذا فعلوا فاحشة".
وقال رجل يا رسول الله: لو كانت كفاراتنا ككفارات بني إسرائيل؟
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما أعطاكم الله خيرا، كانت بنو إسرائيل إذا أصاب أحدهم الخطيئة وجدها مكتوبة على بابه وكفارتها، فإن كفرها كانت له خزيا في الدنيا، وإن لم يكفرها كانت له خزيا في الآخرة، وقد أعطاكم الله خيرا من ذلك، قال: "ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه"، والصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة كفارات لما بينهن» .
اظهار أخبار متعلقة
الندم توبة:
خصت أمة النبي صلى الله عليه وسلم بأن الندم هو توبة، روى الإمام أحمد، ابن مسعود أن «الندم توبة» قال بعضهم: كون الندم توبة من خصائص هذه الأمة.
الشهادة بالخير:
كما كرمت الأمة أيضا أنه إذا شهد اثنان منهم لعبد بخير وجبت له الجنة، وكانت الأمم السابقة إذا شهد منهم مائة.
قالت عائشة رضي الله عنها: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الأمم السالفة المائة أمة إذا شهدوا لعبد بخير وجبت له الجنة، وإن أمتي، الخمسون منهم أمة فإذا شهدوا لعبد بخير وجبت له الجنة» .
وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أيما مسلم شهد له أربعة بخير أدخله الله الجنة» ، فقلنا: وثلاثة؟ قال: «وثلاثة» ، فقلنا واثنان؟ قال: «واثنان» ، ثم لم نسأله عن الواحد» .
كرامة أخرى:
خصت أيضا أمة النبي صلى الله عليه وسلم بأنهم أقل الأمم عملا، وأكثر منهم أجرا، وأقصر أعمارا.
وقد كان الرجل من الأمم السابقة أعبد منهم بثلاثين ضعفا، وهم خير منهم بثلاثين ضعفا.
يقول الصحابي ابن عمر رضي الله عنهما إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إنما بقاؤكم فيما سلف قبلكم من الأمم كما بين صلاة العصر إلى غروب الشمس، أوتي أهل التوراة التوراة فعملوا بها حتى إذا انتصف النهار عجزوا، فأعطوا قيراطا قيراطا، (ثم) أوتي أهل الإنجيل الإنجيل، فعملوا إلى صلاة العصر، ثم عجزوا، فأعطوا قيراطا قيراطا ثم أوتينا القرآن فعملنا إلى غروب الشمس فأعطينا قيراطين قيراطين.
فقال أهل الكتابين أي ربنا: أعطيت هؤلاء قيراطين قيراطين وأعطيتنا قيراطا قيراطا ونحن كنا أكثر عملا، قال: هل ظلمتكم من أجركم من شيء؟
قالوا: لا، قال: «فهو فضلي أوتيه من أشاء» .