أنا فتاة جامعية عمري 20 سنة، ومشكلتي هي سوء معاملة والدي لنا، ماديًا ومعنويًا، وكذلك مع والدتي، لذا تترك البيت كثيرًا غاضبة بعد كل مشكلة بينهم بسبب الفلوس ثم يصالحها فتعود.
والدتي سلبية للغاية، فهو منذ صغرنا بخيل، لا يعطينا مصروف شخصي، ويبخل علينا في أساسيات العيش مع أنه ميسور، وهي تظل ساكتة وراضية ثم تنفجر وتغضب وتتشاجر، ثم تعود ريما لعادتها القديمة وهكذا، وتحثنا على طلب احتياجاتنا الاساسية منه، واحتياجاتها هي أيضًا، خاصة أثناء وقت الخصام والقطيعة بينهما.
مشكلتنا أننا لا نحب الحديث مع والدنا ولا نحب طلب احتياجاتنا منه، ونشعر بالإذلال، فنفعل احيانًا، ونلزم الابتعاد والسكوت أغلب الأوقات.
وبالطبع هو لا يحتضننا ولا نسمع منه كلمات طيبة ولا نشعر بحنانه وكذلك أمي.
أنا حزينة ولا أريد العيش في هذا البيت وأكره والدي، ماذا أفعل؟
الرد:
مرحبًا بك يا ابنتي..
آلمتني رسالتك، مؤلم أن يكون مصدر تلبية الاحتياجات هو مصدر المنع، والحجب، وبقصد، هكذا، واضح، ربما لسمات شخصية صعبة، أو أي سبب آخر، لكن النتيجة واقعة بالفعل، وهذا هو ما يهمنا.
مؤلم أن يكون والدك غير مسئول هكذا، وغير مكترث بمشاعرك واحتياجاتكم سواء كانت مادية أو معنوية، ومؤلم، أن تكون والدتك سلبية، ارتضت هذا الوضع لنفسها ولكم، منذ زمن وحتى الآن.
لاشك أنها تعاني، وأن علاقتها الزوجية غير سعيدة، ولكن هذا لايعني أن تحملوا أنتم كأبناء وزر اختيارها لوالدكم وللعلاقة الخاصة بها معه، لذلك لابد أن تخرجي واخوتك مما هو بينهما من مشكلات، هذا أولًا.
المطلوب التالي يا ابنتي أن تحاولي الاستقلال ماديًا عن والدك، نعم تدربي وابدئي من الآن، بالبحث عن عمل، فالاب البخيل إن عاجلًا أو آجلًا يتخلى عن الانفاق على أولاده، وهو الآن "شبه متخلى"، فاستعدي.
لا تخافي العقوق يا ابنتي، فحقك والديك البر، والمصاحبة في الدنيا معروفًا، خاصة لو كان بهذه الحالة المتعبة التي ذكرت، لا تقاطعيه، ولا تعاديه، ولكن انقذي نفسك بالخروج بعيدًا عن دائرة تأثيره السلبي على شخصيتك، ونظرتك للحياة والعلاقات.
لا تعيشي دور الضحية لوالدك، ولا المنقذ لوالدتك، ولا المعالج لكل منهما.
والدتك اختارت هذا الرجل وهذه الحياة وتعود لها بدون تراجع ولا وقفة حاسمة، فهي وشأنها، وحل مشكلتها ليس عندك ولا إخوتك وإنما لدى مستشار نفسي.
يا ابنتي..
من المهم أن تتعرفي على مواصفات
العلاقات الصحية، والعلاقات غير الصحية "السامة"، وعندها ستعرفين لم أنت متعبة من هذا البيت ولا تريدين العيش فيه، فالسبب ببساطة لأنه "بيئة غير صحية" نفسيًا.
أقدر ألمك، وهو من حقك، وأـفهم مشاعر رفضك للبيت وكل شيء وشخص داخله، لذا لابد أن تنشئ أنت لك بيئة صحية.
يا ابنتي..
نحن لا نختار أهلنا، لكن يمكننا أن نختار ونصنع بيئة من أشخاص نختارهم، ونوافق على وجودهم في حياتنا، عبر علاقات لا تؤذينا، ولا تستغلنا، وهذا هو واجبك تجاه نفسك.
معظم من يمر بمثل ما تعانين منه من فتيات، تنطلق للبحث عن بديل، فترتمي في أحضان أي رجل يشعرها أنه سيقوم بما لم يقم به والدها، فتقع في مصيبة أكبر اسمها سوء الاختيار والتعرض للاستغلال من جديد، وهكذا عبر دوائر لا تنتهي، وهو ما أرجو أن تتيقظي ولا تقعي فيه، وهذا يتم لك بالقبول لوضع وأن ابتلائك هو والدك بشخصيته تلك، وقبولك لألم ابتلائك هذا وعدم انكار أنه ابتلاء وأنه مؤلم.
لا تشبعي احتياجك للأب من أي رجل، إياك، إياك أن تفعلي هذا بنفسك.
اصنعي لك كما ذكرت بيئة مريحة، أصحاب، صداقات، زملاء عمل، جيران، إلخ اجتهدي لخلق أكبر عدد ممكن من الدوائر من حولك من الأشخاص المناسبين، المنسجمين، واصنعي معهم علاقات آمنة وصحية.
يا ابنتي..
لكل منا عبر رحلة حياته، محطاته، وأوجاعه، وآلامه، المهم ألا نتحسر على أنفسنا أبدًا، بل نتقبل أحداث حياتنا بكل فصولها، وتقلباتها، ومراحلها، ونقبل جراحنا، ونسعى للتعافي منها، وشفاءها، ولا نيأس من روح الله، ونتفهم سنته في الحياة والخلق، ونمضى في سكة الوعي والنضج والكبران والنمر النفسي، فهذه هي مهمة الآلام وحكمة وجودها، وبذا تكونين قد وضعت قدميك على الطريق الصحيح.
ودمت بكل خير ووعي وسكينة.
اقرأ أيضا:
أهلي يرفضون حبيبي.. ما المشكلة لو تزوجته رغمًا عنهم؟