العِند.. تلك السمة المقيتة التي للأسف أصبحت غالبة بيننا هذه الأيام، وكأن كل إنسان يتصور أنه بعناده إنما هو أصبح مستقلا مستقرًا، ولا يدري أنه بذلك، يكون بداية طريق الانحراف عن الحق، لأن الشيطان يدخل من هنا.. من طريق العناد، ويسوق الإنسان المعاند سوقًا.. ثم يأخذه إلى حيث يريد هو (أي الشيطان)، ولما لا وهو بالأساس أول المعاندين، فماذا لو لم يعاند ويرفض السجود لأبينا آدم عليه السلام.. مؤكد كان مازال بين الملائكة ينعم بالكثير مما أعطاه الله له، لكنه العناد الذي ساقه إلى مصير محتوم ميئوس منه وليعاذ بالله.. قال تعالى يوضح هذا الموقف: «وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ قَالَ أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِينًا» (الإسراء 61).
على درب الشيطان
إذن فأنت عزيزي (المعاند)، إنما تتخذ نفس طريق الشيطان في عناده، فإذا كان إبليس علم مصيره بأنه ميئوس منه وليعاذ بالله، فكيف بك؟.. أتريد أن تسير على نفس الدرب وتصل إلى نفس النهاية المؤسفة؟.. لو لم تكن كذلك، عد سريعًا، ولا تتبع خطوات الشيطان، وأفق من غيبوبتك قبل فوات الآوان، فانظر هذا كان حال قارون، فقد كان من قوم موسى، ثم (ركبه العناد)، فبغى عليهم، وقال: «قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَىٰ عِلْمٍ عِندِي»، فكانت النتيجة مأساوية: «فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِن فِئَةٍ يَنصُرُونَهُ مِن دُونِ اللَّهِ».. انظر لبشاعة المصير، كأن الله يقول لنا إن مصير كل متعند جبار إنما هو إما كإبليس، يخرج من رحمة الله وليعاذ بالله، أو كقارون، تخسف به الأرض.
اقرأ أيضا:
6 آداب على الزوج مراعاتها مع زوجته.. وإلا تحولت حياتهما جحيمًاالعناد والاستكبار
كثير من العلماء، ربط بين العناد والاستكبار، ذلك أن كلاهما يأتي من منبع واحد، وهو (الكبرياء)، وهي الصفة التي أخرجت إبليس من رحمة الله عز وجل، لذا فكأن الكبر أو العناد أو طرق الخروج من رحمة الله وليعاذ بالله، وما ذلك إلا لأن المعاند هو المصر بشكل مبالغ فيه على الخطأ، بل ويكابر على العودة، فيزداد إثمًا على آثامه، قال تعالى يحذر من ذلك: «وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا وَلَّى مُسْتَكْبِرًا كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ وَقْرًا فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ» (لقمان: 7)، كما جاء في الحديث الشريف، أن رجلاً أكل عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، بشماله، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كل بيمينِك». قال: لا أستطيع، قال صلى الله عليه وسلم: «لا استطعت، ما منعه إلا الكبر». قال: فما رفعها إلى فيه.. حينها كان هناك رسول الله صلى الله عليه وسلم يوجه، لكن ماذا نحن الآن، نخطيء ونصر على الخطأ، ولا نستمع لأحد!.