للعزل دلالات كثيرة  وهو يعي إجمالا  تغيير نمط حياتي معتاد  لآخر لم يألفه بسبب ظرف طارئ استدعى هذا.. وهذا المفهوم يمكن تطويعه في أكثر من مجال كلها حياتية ونافعة.

العزل في القرآن جاء بمعاني  السجن والحبس كما سواء بطن الحوت كما جاء في قصة سيدنا يونس حيث انعزل في بطن الحوت وكانت نتيجته إيجابية حيث غفر الله له حين استغفر، أو سجن يوسف الذي عزله عن الناس في السجن ثم خرج ليصبح عزيز مصر، أو مرض سيدنا أيوب حيث انعزل بالمرض ثم عوضه الله بأضعاف ثروته وأهله.

أيضا أصحاب الكهف انعزلوا في كهفهم فحماهم الله من أعدائهم، وهذا سيدنا موسى عزل في سلة في نهر النيل ثم أنجاه الله  ليتربى في قصر فِرعون، وخير الأنبياء  سيدنا محمد انعزل في الغار فأنزل الله عليه جبريل بالوحي.

ويأتي العزل أيضا ويراد به الخلوة مع النفس لترتيب الأوراق أو للاستعداد لأمر مهم وهذه الخلوة بمعناها الشرعي تقتضي ضبط النفس والسيطرة عليها من آفات القلوب التي تسللت إليها فيحتاج البعض إلى استراحة ليعالج أدران نفسه  ..

أن تسير في هذه الدنيا دون استراحة وتواجه ضغوطاتها دون توقف أو تمهل.. أن تصارع مشكلاتها وتقاوم متاعبها؛ ففي كل هذا تقل طاقتك وتذبل عافيتك وتحتاج لمحطة هدنة تزود فيها الطاقة وتفرغ فيها الآلام.. وأي راحة هذه في هذه الدنيا غير اللجوء إلى الله خالق الكون ومدبر الأمر العليم بخفايا النفس والمطلع على أسرارها.. وهنا تتجلى ضرورة الاختلاء بالله عن الناس.  

الخلوة بالله تعالى راحة للقلب وسكينة للفؤاد وراحة للبال.. وهي بمثابة محطة وقود يتزود فيها المؤمن بالإيمان ويشحن فيه طاقته لمواجهة الحياة  بمتاعبها.. فيطرح نفسه بين الله على فترات منقطعا عن الناس يناجي الله ويناديه ويخاطبه ويعرض عليه حاله ويسأله التوفيق والسداد.

والمسلم بين الله تعالى في خلوته شأنه عظيم، وهو أبعد ما يكون عن الرياء حيث لا أحد عين ترمقه ولا أذن تسمعه.. وهنا تطهر النفس من الرياء ويبعد عن القلب النفاق؛ فيتجدد حاله ويعلو إيمانه وتزدهر أيامه ويرى الحياة بمنظور آخر مختلف؛ يراها دار فناء لا دار بقاء، دار عمل وكسب لا دار جزاء وعطاء، يراها دار ابتلاء فلا يخلد فيها للراحة وتضييع الوقت فيما لا طائل من ورائه.. وبهذه تتغير حالته ويصفو قلبه الذي لا يحمل والحالة هذه كرهًا لحد ولا ضغية ولا حسد.

وهي الحاجة لعد الاختلاط في فترة رضك حتى لا تتأخر حالتك وتسوء بفعل عوامل الجو مخالطة الآخرين وحتى لا تؤذي غيرك أيضا وهذا المعنى يوصي به الأطباء في وقت انتشار الجوائح والكوارث التي تزداد وتنتشر بالمخالطة، على أن هناك معنى آخر للعزل وهو بين الزوجين رغبة في عدم الإنجاب.

وبرغم اختلاف المدلولات فغن النتيجة قد تكون واحدة انها تصب في صالح من ينعزل لفترة من الزمن فكل قصص العزل انتهت برحمة من الله سبحانه وتعالى وبتغيير الحال إلى الأفضل

عزل العالم بإذن الله سيعقبه خير من الله وفرج لأمة نبينا سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم

من هنا كانت الدعوة للانعزال مؤقتا وبشكل طبيعي من الأمور الطبيعية التي يلزم الحرص عليها في كل فترة لا سيما وقت البلاء والفيروسات.