يقول العلماء: إن الله عز وجل خلق النفس واحدة، لكن لها عدة أنواع، وحسب كل إنسان وميوله وتوجهاته وأفكاره، وإبداعه أو فشله في الحياة.. فتكون نفسه خيرة أو شريرة أو تحمل بين هذا وذاك.. إذن لكل إنسان القدرة على أن يلجم نفسه ويجعلها من أهل الخير.. لكن يبدو أن كثير من الناس لا يريدون ذلك!.
بالتأكيد كل إنسان يصارع في هذه الحياة الدنيا، الكثير من الأمور، لكن أبرزها، هي مصارعة النفس، فإن انتصرت هي عليه، خسر كل شيء، وإن لجمها، فاز بكل شيء، قال تعالى على لسان نبي الله يوسف عليه السلام، يوضح كيف هي النفس أمارة بالسوء: «وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلا مَا رَحِمَ رَبِّي إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ » (يوسف: 53).
إرادتك هي التي تسود
صحيح أن النفس أمارة بالسوء، هكذا وضح لنا القرآن الكريم، لكن الله ترك لنا القدرة والإرادة على أن نسوق هذه النفس، مهما كانت المغريات، فالقرار في النهاية لنا، كما قال سبحانه وتعالى: « فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ » (الزلزلة: 7، 8).
فأنواع النفس عديدة، منها المذنبة وصاحبة الهوى، والخيرة، اللوامة، وأعلاها لاشك المطمئنة، لكن للوصول إلى النفس المطمئنة على الإنسان أن يقودها هو لا أن تقوده هي، كما على العبد أن يظهر عجز نفسه وذلها بين يدي رب العزة سبحانه وتعالى، الذي خلقها وسواها وأطعمها وسقاها، حتى تكون نفسه مطمئنة، وحتى يصدق فيها قول الله سبحانه وتعالى: « يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ * ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً * فَادْخُلِي فِي عِبَادِي * وَادْخُلِي جَنَّتِي » (الفجر: 27 – 30).
اقرأ أيضا:
6 آداب على الزوج مراعاتها مع زوجته.. وإلا تحولت حياتهما جحيمًاكيف تنجح في قيادة نفسك؟
لكن قد يسأل أحدهم كيف أنجح في قيادة نفسي، في ظل كل ما حولنا من مغريات.. للأسف يتصور البعض أن المغريات إنما ظهرت الآن فقط، وأن أيام الصحابة ثم التابعين لم يكن هناك أية مغريات، وهو تصور خاطئ مئة بالمئة، لأن المغريات موجودة في كل زمن وعصر، ولا يمكن لها أن تنتهي، بل لابد لوجودها حتى يميز الله الخبيث من الطيب.. وهنا قدرة الإنسان على التحكم في شهواته، وبالتالي التحكم في نفسه، ولقد حثنا الله سبحانه وتعالى على محاسبة النفس، فقال تعالى: « يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ » (الحشر: 18).. وهو ما كان يقوله الفاروق عمر ابن الخطاب: «حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا».. بهذه الطريقة يصل الإنسان بسهولة إلى لجم نفسه، ومن ثم النجاة من النار والفوز بالجنة.