أعزائي جميع أهل الأرض.. علينا أن ندرك جيدًا أنه من المستحيل أن يستمر الحب بين أي اثنين، زوجين كانوا أو صديقين، أو بين أم وأولادها، أو بين أي علاقة إنسانية مهما كانت على وجه الأرض .. من غير كلام جميل يفتح النفس .. يوصف أحلى ما فيك .. يشجعك .. يقويك .. يرجع لك ثقتك بنفسك .. كلمات ترمم الشروخ التي بداخلك .. تجعلك تنظر إلى نفسك نظرة مختلفة.. يجعلك تتغاضى عن نواقص كثيرة في العلاقة ، وفي حياتك ، ومع باقي البشر ممن هم مصابون بمرض (الكلام الدبش )..
فإذا كان الإسلام أمر تابعيه بأن يقولوا للناس ما هو أحسن، قال تعالى: «وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْـزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلإِنْسَانِ عَدُوًّا مُبِينًا» (الإسراء:53).. فكيف بنا نمنع مجرد كلمة (حلوة) لأحدهم ربما تكون تطييبًا لخاطره، وربما تخرجه من ظلمات الحزن إلى سعة الفرح والسعادة.
أمر إلهي:
تخيل عزيزي المسلم، أن الكلمة الطيبة أو الحلوة، لهي أمر إلهي، فحينما يأمرك الله عز وجل بذاته العليا، أن تقول للناس حسناً قبل أن يأمرك بأن تصلي .. إذن الأمر هام جدًا، وأكبر من كونه مجرد ذوقيات .. وإنما هو من الأساسيات ! .. (وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ )..
ترى بعض الناس يتابعون مواقع التواصل الاجتماعي، حتى يحصلوا على ( like ).. مجرد حركة تضفي معنى الاهتمام، تفتح النفس، وتريح القلب، ويحبها الجميع، ما بالنا بأن تكون كلمة مباشرة تمنح شعورًا بالرضا، أو لطيب الخاطر، مؤكد سيكون لها مفعول السحر في استمرار العلاقات، خصوصًا لو بين الزوجين، إذا قالت الزوجة لزوجها وهو خارجًا إلى عمله صباحًا: (في أمان الله) مثلا، أو أي كلمة أخرى فيها تطييب الخاطر، مؤكد سيكون يومه مختلف، وإذا قال الرجل لزوجته وهو عائد إلى منزله كلمة طيبة ولتكن (وحشتيني)، مؤكد ستغير مودها إلى الأفضل، ومهما كانت مجهدة نتيجة العمل في البيت أو خارجه، سيكون كل ذلك محبب إليها وتفعله بحب وود شديدين.
العطش للكلمة الحلوة
الكل متعطش للكلمة الحلوة بالفعل، بل وللاهتمام أيضًا، وللأسف البعض يعتقد أنه مجرد كماليات، على الرغم من أنهم أكثر الناس بحاجة إلى الاهتمام والكلمة الطيبة، فالكلمة الطيبة تعيش وتكبر كما يكبر الزرع، إذن لها مفعول السحر في أن تغير أي إنسان إلى الأفضل.
قال تعالى: «أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّـهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ . تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا ۗ وَيَضْرِبُ اللَّـهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ . وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِن فَوْقِ الْأَرْضِ مَا لَهَا مِن قَرَارٍ» (إبراهيم:24-26).
فإياك عزيزي المسلم أن تقول: (بتكسف أقول كلام حلو ، مش متعود).. يعني لا تستطيع قول كلمة طيبة، وشاطر جدًا في استخراج السلبيات واكتشافها وتوصيفها والكلام عنها بكل أريحية!.. ابدأ درب نفسك وقلل النقد والكلام السم .. وزود الشكر.. سترى الوجود جميلاً.