"الّذين يحملون العرش ومن حوله يسبّحون بحمد ربّهم ويؤمنون به يستغفرون للّذين آمنوا ربّنا وسعت كل شيءٍ رحمةً وعلماً فاغفر للّذين تابوا واتّبعوا سبيلك وقهم عذاب الجحيم * ربّنا وأدخلهم جنّات عدن الّتي وعدتهم ومن صلح من آبائهم وأزواجهم وذرّيّاتهم إنّك أنت العزيز الحكيم * وقهم السّيئات ومن تق السّيّئات يومئذٍ فقد رحمته وذلك هو الفوز العظيم"
القراءة الأولي لهذه الأيات الواردة في سورة غافر تعدد مناقب الملائكة الذين يحملون عرش الرحمن ولا يكفون عن حمد ربهم أناء الليل وأطراف النهار حيث يستمرون في الثناء علي الله عز وجل في صورة من أعلي مراحل الأدب مع الله ثم يهمون بالدعاء للذين أمنوا وهي مرتبة عظيمة يجب أن يسعي كل مسلم للوصول إليها.
الإمام الطبري قال في تفسير هذه الآية : قول تعالى ذكره: الذين يحملون عرش الله من ملائكته, ومن حول عرشه, ممن يحفّ به من الملائكة ( يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ ) يقول: يصلون لربهم بحمده وشكره ( وَيُؤْمِنُونَ بِهِ ) يقول: ويقرّون بالله أنه لا إله لهم سواه, ويشهدون بذلك, لا يستكبرون عن عبادته ( وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا ) يقول: ويسألون ربهم أن يغفر للذين أقرّوا بمثل إقرارهم من توحيد الله, والبراءة من كلّ معبود سواه ذنوبهم, فيعفوها عنهم.
مضي الطبري قائلا :كما حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة, قوله: ( وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا ) لأهل لا اله إلا الله.
وقوله: ( رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا ) , وفي هذا الكلام محذوف, وهو يقولون; ومعنى الكلام ويستغفرون للذين آمنوا يقولون: يا ربنا وسعت كلّ شيء رحمة وعلما. ويعني بقوله: ( وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا ) : وسعت رحمتك وعلمك كل شيء من خلقك, فعلمت كل شيء, فلم يخف عليك شيء, ورحمت خلقك, ووسعتهم برحمتك.
كما قالنا في السابق ن دعاء الملائكة للمؤمنين مرتبة عظيمة يجب أن يسعي إليها كل مؤمن للوصول إليها فمن المهم التأكيد علي أن هناك 8طاعات تدعو فيها للمؤمن حال التزامه برضا الله وتقوي وحال سيره علي النهج الرباني في اتباع أوامر الله وتجنب نواهيه .
أول الثمانية التي تدعو لك فيها الملائكة : عند وقوفك في الصف الأول بالصلاة كما جاء في قول النبي : «إن الله وملائكته يصلون على الصف الأول يضاف إليها بالطبع عند جلوسك في المسجد بعد الانتهاء من الصلاة بحسب ما رواه سيدنا أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «إن الملائكة تصلي على أحدكم ما دام في مجلسه، تقول : اللهمّ اغفر له، اللهم ارحمه، ما لم يحدث
ثالث الطاعات التي تدعو فيها الملائكة للمؤمن عند قيامة بعيادة مريض وهو أمر تطرق إليها الحديث الذي رواه سيدناعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ما من رجل يعود مريضاً ممسياً، إلا خرج معه سبعون ألف ملك يستغفرون له حتى يصبح، وكان له خريف في الجنّة، ومن أتاه مصبحاً خرج معه سبعون ألف ملك، يستغفرون له حتى يمسي، وكان له خريف في الجنة.
أما رابع هذه االطاعات فتتزامن مع قيامك بزيارة أخ لك في الله وفق ما روي أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَنَّ رَجُلًا زَارَ أَخًا لَهُ فِي قَرْيَةٍ أُخْرَى، فَأَرْصَدَ اللَّهُ لَهُ عَلَى مَدْرَجَتِهِ مَلَكًا، فَلَمَّا أَتَى عَلَيْهِ قَالَ: أَيْنَ تُرِيدُ ؟ قَالَ: أُرِيدُ أَخًا لِي فِي هَذِهِ الْقَرْيَةِ. قَالَ: هَلْ لَكَ عَلَيْهِ مِنْ نِعْمَةٍ تَرُبُّهَا؟ قَالَ: لَا، غَيْرَ أَنِّي أَحْبَبْتُهُ فِي اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ. قَالَ: فَإِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكَ بِأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَبَّكَ كَمَا أَحْبَبْتَهُ فِيهِ»
الدعاء بظهرالغيب لأخيك يبدو حاضرا بقوة ضمن الطاعات التي تدعو لك فيه الملائكة عند الدعاء لأخيك بظهر الغيب فعن أبي الدرداء عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «دعوة المرء المسلم لأخيه بظهر الغيب مستجابة، عند رأسه ملك، كلما دعا له بخير قال الملك الموكل به: آمين، ولك بمثل.
وليس بعيدا عن هذا السياق تبدو الملائكة حريصة علي الدعاء للمؤمن عندما يهم بتعليم الناس الخير روى الترمذي في سننه عن أبي أمامة أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: «إن الله وملائكته وأهل السموات والأرض حتى النملة في جحرها، وحتى الحوت، ليصلون على معلم الناس الخير.
اقرأ أيضا:
كيف يكشف الشح عوراتك أمام الأخرين؟النوم على طهارة من االطاعات التي تقوم فيها الملائكة بالدعاء للنوم حيث روي عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من بات طاهرًا، بات في شعاره ملك، فلا يستيقظ إلا قال الملك: اللهم اغفر لعبدك فلان، فإنه بات طاهرًا
عند تناولك السحور أم أخر الأحوال التي تسعي الملائكة فيها للدعاء لك فعن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن الله تعالى وملائكته يصلون على المتسحرين».
ومن ثم يجب علي المسلم ان يحرص علي الوصول لهذه المرتبة والفوز بهذا المقام الرفيع عبرالحرص علي التواجد في الصفوف الأولي للصلاة وعند البقاء في المسجد بعد أداء الصلاة مع القيام بزيارة مريض والدعاء بظهر الغيب لأخيك والقيام بزيارة أخ لك في الله وتعليم الناس الخير والنوم علي طهارة ناهيك عن الحرص علي تناول السحور فهذه الأحوال الثمانية يجب علي مسلم تحريها ليفوز بدعاء الملائكة.