أخبار

هل الحجامة الجافة مفطرة للصائم؟

على رأسها الصيام.. 3 تغييرات تساعدك على العيش لفترة أطول

بالفيديو.. عمرو خالد: طريقة ربانية تغيرك من داخلك وتصلح عيوبك في العشرة الأواخر (الفهم عن الله - 2)

شيخ الأزهر يكشف سر اقتران اسم الله الكبير بالعلي والمتعال

ماذا تفعل "حسبنا الله ونعم الوكيل" إذا كنت مظلومًا؟

"الزرع في الجنة"..أعرابي يضحك النبي

لا تدعها تفوتك.. هكذا تحصل على البركة في مالك وحياتك

قصة مبكية.. كيف تاب "مالك بن دينار" من شرب الخمر؟

دعاء اليوم الـ 18 من رمضان

رؤيا السواك فى المنام لها تأويلات رائعة تعرف عليها

إذا كان الله خالق كل شيء.. فلم يعذب صاحب المعصية؟ (الشعراوي يجيب)

بقلم | فريق التحرير | الجمعة 15 يناير 2021 - 01:53 م


"اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ ۖ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ" (الزمر: 62)


يقول العلامة الراحل الشيخ محمد متولي الشعراوي:


بعد أن ذكر الحق سبحانه وعده ووعيده وبيَّن عاقبة الكافرين وعاقبة المؤمنين عاد إلى قضية عقدية أخرى { ٱللَّهُ خَالِقُ كُـلِّ شَيْءٍ } [الزمر: 62] وكأنه يقول: ما الذي صرفهم عن أنْ يؤمنوا بالله الإله الحق، وهو سبحانه خالق كل شيء؟

بعضهم أخذ هذه الآية { ٱللَّهُ خَالِقُ كُـلِّ شَيْءٍ } [الزمر: 62] ونسب كل الأفعال إلى الله، فالله في نظرهم خالق كل شيء، خالق الإيمان وخالق الكفر، وخالق الطاعة وخالق المعصية، وبالتالي قالوا: فلم يعذب صاحبها؟


نقول: هناك مَنْ يتعصب لقدرة الحق فيقول: كل شيء بقدرته تعالى، وهناك مَنْ يتعصب للعدالة فيقول: إن الإنسان هو الذي يفعل وهو الذي يسعى لنفسه، لذلك يُثاب على الطاعة ويُعاقب على المعصية، وهذا خلاف ما كان ينبغي أنْ يُوجد بين علماء؛ لأن الطاعة أو المعصية فعلٌ، والفعل ما هو؟

الفعل أداء جارحة من الجسم لمهمتها. فالعين ترى، لكن الخالق سبحانه وضع للرؤية قانوناً، وجعل لها حدوداً، فالعين ترى ما أُحلَّ لها وتغضّ عما حُرِّمَ عليها، كذلك الأذن واليد والرِّجْل واللسان.. الخ فإن وافقتَ في الفعل أمر الشرع فهو طاعة، وإنْ خالفتَ أمر الشرع فهي معصية.

فمثلا الرجل الذي يرفع يده ويضرب غيره، بالله هل هو الذي جعل جارحته تفعل أم أنه وجَّه الجارحة لما تصلح له؟ إنه مجرد مُوجِّه للجارحة، وإلا فهو لم يخلق فيها الفعل، بدليل أنه لا يعرف العضلات التي تحركتْ فيه، والأعصاب التي شاركتْ في هذه الضربة.


فرق بين الفعل وتوجيه الجارحة لفعله


إذن: نقول إن الفعل شيء، وتوجيه الجارحة إلى الفعل شيء آخر، فالفعل كله مخلوق لله، فهو سبحانه الذي أقدر الأيدي أنْ تضرب، وهو الذي أقدرها أنْ تمتد بالخير للآخرين، الخالق سبحانه هو الذي أقدر لسان المؤمن أن يقول: لا إله إلا الله محمد رسول الله، وأقدر لسان الكافر أن ينطق بكلمة الكفر والعياذ بالله، العين في استطاعتك أنْ تنظر بها إلى الحلال، وفي استطاعتك أن تنظر بها إلى الحرام.

إذن: أقدر الله كلَّ جارحة على المهمة التي تؤديها، فإنْ كانت هذه المهمة موافقة للشرع فهي طاعة، وإنْ كانت غير موافقة له فهي معصية، وعليه نقول: إن الله تعالى هو خالق الفعل على الحقيقة. إذن: ما عل العبد في المعصية حتى يُعاقب عليها؟ وما فِعْله في الطاعة حتى يُثاب عليها؟

إن فعل العبد ودوره هنا هو توجيه الطاقة التي خلقها الله فيه، هذه الطاقة التي جعلها الله صالحة لأنْ تفعل الشيء وضده، فالقدرة على الفعل ليستْ من عندك، إنما من عند الله، وعليك أنت توجيه الطاقة الفاعلة.

فمَنْ نظر إلى الفعل فالفعل كله لله { ٱللَّهُ خَالِقُ كُـلِّ شَيْءٍ } [الزمر: 62] ومَنْ نظر إلى التوجيه والاختيار فهو للعبد؛ لذلك نقول: إن العاصي لم يعْصِ غصْباً عن الله، والكافر لم يكفر بعيداً عن علم الله وإرادته، لأن الحق سبحانه لو شاء لجعل الناس جميعاً أمة واحدة على الطاعة والإيمان، لكن ترك لهم الاختيار وتوجيه الأفعال ليرى سبحانه - وهو أعلم بعباده - مَنْ يأتيه طواعية وباختياره.لذلك تأمل قوله سبحانه:
{ إِنَّا عَرَضْنَا ٱلأَمَانَةَ عَلَى ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَٱلْجِبَالِ فَأبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا ٱلإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً }[الأحزاب: 72].

الكون كله مخير


فمن الخطأ أن نقول: إن الإنسان وحدة هو المخيَّر، إنما الكون كله مُخيَّر أمام الحق سبحانه، لكن الفرق بين اختيار السماوات والأرض اختيار الإنسان أن السماوات والأرض لما خُيِّرت اختارت أن تتنازل عن مرادها لمراد خالقها سبحانه، فهي اختارتْ بالفعل، اختارت ألاَّ تكون مختارة، وأن تكون مقهورة لمراد ربها، أما الإنسان فقَبِلَ الأمانة واختار أن يكون مختاراً أمام خيارات متعددة.

وسبق أن أوضحنا الفرق بين تحمُّل الأمانة وأداء الأمانة، وأن العبد قد يضمن نفسه عند التحمل، لكن لا يضمن نفسه عند الأداء، فهي إذن أمر ثقيل، لذلك وصف الحق سبحانه الإنسان في تحمله وتعرُّضه للأمانة بأنه ظلوم وجهول.

إذن: إياك أن تدخل في متاهة فتفهم قوله تعالى: { ٱللَّهُ خَالِقُ كُـلِّ شَيْءٍ } [الزمر: 62] على غير وجهه، فتقول: خالق كفر الكافر وعصيان العاصي، فلماذا يعذبهم؟ لأن الكافر هو الذي اختار الكفر ووجَّه طاقة الله لغير ما أراد الله، والعاصي كذلك وجَّه طاقة الله إلى خلاف ما أمر به الله.

وهناك مَنْ يقول في { ٱللَّهُ خَالِقُ كُـلِّ شَيْءٍ } [الزمر: 62] أن الكلية هنا إضافية، كما في قوله تعالى في قصة بلقيس: { وَأُوتِيَتْ مِن كُلِّ شَيْءٍ }
[النمل: 23] يعني: لم تُؤْتَ بكل شيء فمن هنا للتبعيض، والمعنى: أنهم يريدون أنْ يُخرِجوا فعل العباد من هذه المسألة، وهذا لا يجوز.

وقوله تعالى: { ٱللَّهُ خَالِقُ كُـلِّ شَيْءٍ } [الزمر: 62] خبر أخبر به الحق سبحانه يحتمل ويحتمل، لكن أدلة صدْق هذا الخبر نشأتْ حتى من الكافرين بالله، كما قال سبحانه: { وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ ٱللَّهُ }[الزخرف: 87].

وقال سبحانه وتعالى:{ وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ مَّنْ خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ لَيَقُولُنَّ ٱللَّهُ}[لقمان: 25].

إذن: فالظرف والمكان والمكين من خَلْق الله، والله قد أخبر هذا الخبر وبلَّغه رسول الله، وفي القوم مَنْ جحدوا الله وأنكروه وادَّعوْا له شركاء، ومع ذلك لم ينقض أحدٌ هذه الدعوى ولم يقُمْ أحد: إني خالق هذا الكون. والدعوى تَسْلم لصاحبها ما لم يقُمْ لها معارض، ومعلوم أن الإنسان يدَّعي ما ليس له، فلو كان له شيء من الخَلْق ما سكت عنه.

ثم إن الإنسان طرأ على هذا الكون، فوجده كما هو الآن بسمائه وأرضه، فكيف يدَّعي أنه خالقه وهو أقدم منه، بل وخَلْقه أعظم من خلقه { لَخَلْقُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ أَكْـبَرُ مِنْ خَلْقِ ٱلنَّاسِ وَلَـٰكِنَّ أَكْـثَرَ ٱلنَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ }[غافر: 57].

اعتراض على أحكام الخالق 


فإذا ما جاءنا رسول نعلم صدقه يخبرنا بأن لهذا الكون خالقاً صفته كذا وكذا كان يجب علينا أنْ نرهف له الآذان لنسمع حَلَّ هذا اللغز، ومثَّلْنَا لذلك برجل انقطع في صحراء مُهلكة حتى شارف على الموت وفجأة وجد مائدة عليها أطايب الطعام والشراب، بالله ماذا يفعل قبل أن تمتدَّ يده إلى الطعام؟ إنه لا بدَّ أنْ يسأل نفسه: من أين جاءت هذه المائدة؟

إذن: { ٱللَّهُ خَالِقُ كُـلِّ شَيْءٍ } [الزمر: 62] خبر عليه دليل من الوجود، ودليل من المعاندين للخالق سبحانه، والحقيقة أنهم لا يعاندون الحقَّ من أجل مسألة الخلق، إنما يعاندونه اعتراضاً على شرعه وأحكامه، لأن هذه الأحكام ستقيد نفوسهم فلا تنطلق في شهواتها، والإيمان له تبعات ووراءه حساب وعقاب وجزاء، وإلا لماذا عبدوا الأصنام؟

عبدوها لأنها آلهة لا منهجَ لها ولا تكاليف، فهي تُرضي فطرة التديُّن عندهم بأن يكون له معبود يعبده، وما أجملَ أن يكون هذا المعبود لا أمرَ له ولا نهيَ ولا تكاليف. إذن: قولهم:{ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلاَّ لِيُقَرِّبُونَآ إِلَى ٱللَّهِ زُلْفَىۤ }[الزمر: 3] لفظ العبادة هنا لفظ خاطئ، لأن معنى العبادة: طاعة العابد لأمر معبوده ونَهْيه، وهذه الأصنام ليس لها أمر ولا نهي.

وقوله سبحانه: { وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ } [الزمر: 62] الوكيل: هو الذي تُوكله أنت في العمل الذي لا تقدر عليه كما في قصة سيدنا موسى - عليه السلام - لما قال له قومه:{ إِنَّا لَمُدْرَكُونَ }[الشعراء: 61] وهم ساعتها على حقٍّ لأن البحر من أمامهم، وفرعون وجنوده من خلفهم، فكل الدلائل تؤيد قولهم { إِنَّا لَمُدْرَكُونَ }[الشعراء: 61].

لكن لموسى عليه السلام نظرة أخرى وشأن آخر، إنه موصولٌ بربه معتمد عليه ومتوكل عليه، يعلم علم اليقين أن الله وكيله فيما يعجز هو عنه؛ لذلك ردَّ عليهم وقال (كلا) لم يقلها من عندياته، إنما قالها برصيد من إيمانه بربه وثقته بنصره{ كَلاَّ إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ }[الشعراء: 62].

ويقول تعالى في التوكل عليه:{ أَمَّن يُجِيبُ ٱلْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ ٱلسُّوۤءَ.. }[النمل: 62].

وقال سبحانه:{ وَإِذَا مَسَّكُمُ ٱلْضُّرُّ فِي ٱلْبَحْرِ ضَلَّ مَن تَدْعُونَ إِلاَّ إِيَّاهُ.. }[الإسراء: 67] فالله وكيل لعباده جميعاً حتى الكافر منهم؛ لذلك نرى مَنْ كفر بالله حين لا تسعفه أسبابه أو تضيق عليه أموره، يقول: يا رب لأنه لا يخدع نفسه ولا يغش نفسه.

فكما صدق الحق سبحانه في الإخبار بأنه { خَالِقُ كُـلِّ شَيْءٍ } [الزمر: 62] صدق في الإخبار بأنه { عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ } [الزمر: 62] ألا ترى الزرع مثلاً يزرعه الفلاح ويرعاه، فتراه نَضِراً جميلاً لكن قبل الحصاد تجتاحه جائحة أو تحل به آفة فتهلكه، بالله من عند مَنْ هذه الآفة؟ من عند خصومك وأعدائك؟! لا.. بل هي من عند الله.

وما دام الله تعالى هو خالق كل شيء وهو وكيل على كل شيء، فلا بدَّ أن يكون له مُلْك السماوات والأرض؛ لذلك قال بعدها: { لَّهُ مَقَالِيدُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ... } [الزمر: 63].


الكلمات المفتاحية

اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ الشيخ الشعراوي تفسير القرآن صاحب المعصية

موضوعات ذات صلة

الأكثر قراءة

amrkhaled

amrkhaled "اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ ۖ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ" (الزمر: 62)