هناك شروط لقبول العمل الصالح فالعمل الصالح لا يمكن قبوله كونه صالحا فقط بل يجب أن يكون صالحا وخالصا لوجه الله تعالي وبمعني أدق ان يجمع بينهما في تلازم لا يمكن الفصل بينهما فلا عن شروط أخري وفي مقدمتها الإسلام أي بتحقيق توحيد الألوهية وتوحيد الربوبية أي الإيمان بالله والتبرؤ من الشرك فضلا عن اتباع أوامر الله باخلا ص ورضا واتباع أوامر الرسول ناهيك عن تقوي الله مصداقا لقوله تعالي أنما يتقبل الله من المتقين "والابتعاد عن الرياء
الشيخ الدكتور سعود بن إبراهيم الشريم، إمام وخطيب المسجد الحرام تطرق لشروط العمل الصالح قالا ، إن العمل إذا كان خالصًا ولم يكن صوابًا لم يقبل، وإذا كان صوابًا ولم يكن خالصًا لم يقبل حتى يكون خالصًا صوابًا قال: والخالص إذا كان لله عزّ وجل، والصواب إذا كان على السُنة.
الشريم أوضح خلال خطبة الجمعة اليوم من المسجد الحرام بمكة المكرمة، أنه من رحمة الله سبحانه وتعالى بخلقه أنه لم يخلق لوحده، حيث إن الله سبحانه وتعالى لم يخلق الإنسان في معزل عن بني جنسه لا يخالطهم أو يتعامل معهم أخذًا وردًا وبيعًا وشراءً، وحبًا وبغضًا ورضى وغضبًا وإحسانًا ومكافأة.
خطيب المسجد الحرام مضي للقول إن من جملة الناس الذين خلقهم الله وجعلهم شعوبًا وقبائل ليتعارفوا، يحب ويكره ويأخذ ويعطي ويبيع ويشتري ويهدي ويهدى إليه، ويرد ويرد عليه وهلم جرا في كل ما هو من طبائع البشر ومعاملاتهم التي خلقهم الله عليها، غير أن ذلكم كله يستوجب على المرء في تعامله مع الآخرين أن يستحضر أسسًا وقواعد ومعايير ينبغي ألا تغيب عن باله، وألا تكون في منأى عن تفكيره وسلوكه.
وإشار الشريم لخطورة الوقوع في الزلل قائلا :: لئلا يقع في الزلل معهم أو الحيف أو الاضطراب في تطبيق تلك المعايير تجاههم إن هو أحسن ذلكم، وإلا وقع في وحشة بينه وبينهم، فتكبر عليه نفسه ويضيق قلبه لما يجب أن يكون متسعا له فلا يسلم حينئذ من غائلة التنافر والتنابز والشحناء، ولا يمكن أن يحقق في نفسه القسط والاعتدال مع الآخرين إلا بأن يهيئ نفسه بمجاهدتها في تصحيح نيته بينه وبين ربه قبل كل شيء، ثم بينه وبين الناس.
وربط الشريم بين تحقيق الإخلاص لله عزّ وجل المقرون بمتابعة المصطفى صلى الله عليه وسلم؛ لقبول العمل الصالح الفوز بمحبة الناس له بعد محبة الله من خلال توفر هذين العنصرين عملًا بقوله تعالى: « لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا ۚ» ، وقال الفضيل بن عياض: أي أخلصه وأصوبه، منوهًا بأن العمل إذا كان خالصًا ولم يكن صوابًا لم يقبل، وإذا كان صوابًا ولم يكن خالصًا لم يقبل حتى يكون خالصًا صوابًا قال: والخالص إذا كان لله عزّ وجل، والصواب إذا كان على السُنة.
وأشار لكيفية قيام المسلم بتنفية نفسه من الشوائب عبر استحضار هذا المعيار عباد الله يتم للمرء تصفية إخلاصه من الشوائب التي تعكر صفوه كالبحث عن مصلحته على حساب غيره، وكذا مكامن الشهرة الخفية والإعجاب بالنفس واحتكار الصواب له دون غيره، والرغبة في الثناء والذكر، والتماس رضا العامة أو الخاصة، والتي اصطلح علماء النفس المعاصرون على تسميته اعتبار الذات، ومن أهم ما ينفع في هذا المجال هو الرجوع إلى معيار موضوعي غير ذاتي من خلال إجراء محاكمة منطقية توضح مدى النتيجة العملية النافعة لتصرفاته مع الآخرين، ومن استفتى قلبه خطم هواه، ومن استحضر في فكره معنى الناس لم يستأثر بمعنى نفسه.
وشدد عل ضرورة ء أن يسلم المؤمن بأن الآخرين ليسوا معصومين من الخطأ ولا من الاجتهاد الخاطئ، أو الزلل غير المقصود، بل هم بشر مثله يعتريهم ما يعتريه من خطأ وصواب وزين وشين وغضب ورضا، فكان لزاما عليه أن يستحضر في نفسه حقيقة أن الخطأ يذوب في بحر الصواب، وأن السيئة تذوب في بحر الحسنات كما قال الله في كتابه العزيز: « إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ۚ ذَٰلِكَ ذِكْرَىٰ لِلذَّاكِرِين.
وفي نفس السياق أكد خطيب المسجد الحرام أن الكمال لله وحده والانسان ليس معصومًا من الخطأ فقال: ولذا فإن النظر في ماهية الخطأ ومدى فداحته وضرره في مقابل النظر إلى عموم المحاسن التي تستر هذا الخطأ وتذيبه لهو سبب في تجاوزه واغتفاره، فالكمال لله وحده، والعصمة لرسوله صلى عليه وسلم ، وكل الناس خطاؤون وخير الخطائين التوابون؛ لذا كان من حق الآخرين على المرء المسلم أنه إذا وجه إليهم لوما أو نقدا أو خصومة ألا يكون على صورة تعيير أو تشهير أو شماتة أو انتقائية أو إقصاء، بقطع النظر عن ماهية ذلكم النقد والخصومة ومدى قربهما من الصواب أو الخطأ.