وجد في بعض كتب الهند: «ليس لكذوب مروءة، ولا لضجور رياسة، ولا لملول وفاء، ولا لبخيل صديق».
وقال القائد الفاتح قتيبة بن مسلم الباهلي : «لا تطلبن الحوائج من كذوب، فإنه يقربها وإن كانت بعيدة، ويبعدها إن كانت قريبة، ولا إلى رجل قد جعل المسألة مأكلة، فإنه يقدم حاجته قبلها، ويجعل حاجتك وقاية لها ولا إلى أحمق فإنه يريد نفعك فيضرك».
فوائد وحكم:
-قيل: «أمران لا ينفكان من كذب: كثرة المواعيد، وشدة الاعتذار».
- وقيل: «كفاك موبخاً على الكذب، علمك بأنك كاذب» .
- وقال رجل لأبي حنيفة: «ما كذبت قط» ، قال: «أما هذه فواحدة» .
- وفي المثل يقال: «أكذب من سياح خراسان» ، لأنهم يجتازون في كل بلد، ويكذبون للسؤال والمسألة.. ويقال: «هو أكذب من الشيخ الغريب» ، وذلك أنه يتزوج في الغربة، وهو ابن سبعين سنة، فيزعم أنه ابن أربعين.. ويقال: «هو أكذب من مسيلمة» وبه يضرب المثل.
- وقدم بعض العمال من عمل، فدعا قوماً إلى طعامه، وجعل يحدثهم بالكذب، فقال بعضهم: نحن كما قال عز وجل: «سماعون للكذب أكالون للسحت» .
اقرأ أيضا:
هل القلوب تصدأ .. وما الفرق بين "الران" و" الطبع" على القلب؟قصة عجيبة:
كان رجال من أهل المدينة بين فقيه ورواية وشاعر، يأتون بغداد، فيرجعون بحظوة وحال حسنة.
فاجتمع عدة منهم، فقالوا لصديق لهم لم يكن عنده شيء من الأدب: «لو أتيت العراق فلعلك أن تصيب شيئاً».
قال: «أنتم أصحاب آداب تلتمسون بها» .. فقالوا: «نحن نحتال لك» ، فأخرجوه.
فلما قدم بغداد طلب الاتصال بالأمير علي بن يقطين، وشكا إليه الحاجة
فقال: «ما عندك من الأدب» ؟ فقال: «ليس عندي من الأدب شيء غير أني أكذب الكذبة وأخيل إلى من يسمعها أني صادق» .
وكان الرجل ظريفاً مليحاً، فأعجب به، وعرض عليه مالاً، فأبى أن يقبله وقال: «ما أريد منك إلا أن تسهل أذني، وتدني مجلسي» .
قال الأمير: «ذاك لك» ، وكان من أقرب الناس إليه مجلساً حتى عرف بذلك.
وكان الخليفة المهدي قد غضب على رجل من القواد، واستصفى ماله، وكان هذا الرجل يذهب إلى "علي بن يقطين"، رجاء أن يكلم له المهدي، وكان يرى قرب الرجل الكذاب، ومكانه من عليه، فأتى القائد عشياً للرجل الكاذب فقال: «ما البشرى» ؟ قال: «لك البشرى وحكمك».
قال:«أرسلني علي بن يقطين إليك وهو يقرئك السلام ويقول: قد كلمت أمير المؤمنين في أمرك، ورضي عنك، وأمر برد مالك وضياعك ويأمرك بالغدو إليه لتغدو معه إلى أمير المؤمنين متشكراً» .
فدعا له الرجل بألف دينار وكسوة ، وغدا على علي مع جماعة من وجوه العسكر متشكراً، فقال له علي: «وما ذاك» ؟ قال: «أخبرني أبو فلان- وهو إلى جنبه- كلامك أمير المؤمنين في أمري ورضاه عني» ، فالتفت إلى المديني وقال: «ما هذا» ؟
فقال: «أصلحك الله، هذا بعض الكذب نشرناه» ، فضحك عليّ بن يقطين وقال: «عليّ بدابتي».
وركب إلى المهدي، وحدثه الحديث، فضحك المهدي وقال: «إنا قد رضينا عن الرجل ورددنا عليه ماله» ، وأجرى على - المديني الكاذب - رزقاً واسعاً، واستوصى به خيراً، ثم وصله، وكان يعرف «بكذاب أمير المؤمنين» .