يحدث في بعض الأحيان أنه وبعد التوبة يشعر الإنسان بالضيق بدل السعادة ويرى أن الدنيا قد أغلقت أمامه وحالته النفسية تكون سيئة، وربما يفقد صداقات وغير ذلك من الأمور التي لا يحبها فهل هذه من أمارات عدم قبول التوبة..
الحقيقة أن التوبة يحدث معها عكس هذا تماما فالإنسان المكبل بالذنوب دائما هو الحزين المخنوق الضائع التائه وحينما يتوب يتبدل حاله ويضيء وجهه وتفرح له الدنيا كل من يلقاه يشعر بتغير فيه.. غير أنه أحيانا يحدث العكس فهذه فتاة تقول: ابتليت بالعادة السرية منذ 8 سنوات، وكنت أصلي يومًا، وأترك يومًا، وكانت حياتي مُتقلبة بين الفرح والحزن، وكنت كثيرًا ما أتوب، وأعود للذنب، وقبل فترة اتخذت قرارًا بترك تلك العادة تمامًا، والانتظام في الصلاة، والتزمت -ولله الحمد-، ولكني لاحظت منذ اتخاذي ذلك القرار أن شدة الضيق تنتابني طول الوقت دون سبب، بالإضافة إلى نظرتي السوداوية للمستقبل، وشدة حساسيتي من ردود الأشخاص من حولي، وفقداني لبعض علاقاتي مع أصدقائي، وازداد خوفي من فقدان الجميع من حولي، رغم أنني قبل الالتزام لم أكن أعاني من أي شيء مما سبق ذكره، بل كنت اجتماعية، ومُحبة للحياة، وبدأت تنتابني أسئلة: هل الله عز وجل لم يقبل توبتي، ولن يقبلها؛ لكثرة ذنوبي؟
والأمر لا يعدو أنه من الشيطان الذي يضيق عليه والواسع ويحاول أن يجره جرا إلى المعصية من جديد ولمن يحدث لها هذا عليه بالتمسك بالتوبة والإصرار على مواصلة الطريق وعدم الاهتمام بما يجده فهو في اختبار صدق التوبة وعليه أن يجتازه بنجاح وإلا سيرجع للمعصية.
وعن علاقة ما يحدث له بقبول التوبة فلا علاقة إنما هي وساوس الشيطان يلقيها على قلب المؤمن ليجعله مضطربًا.. ولواعي من لا يلقي لها بالا فالاستقامة هي الطريق الصصحيح ساعتها ستجد الدنيا تضحك له وتتيسر أمورك وهذا أمارة صدق التوبة فإذا صدقت مع الله سبحانه، وصبرت على ذلك، فستجدي العاقبة الحسنة، والعيشة الهنية، قال تعالى: مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ {النحل:97}، قال ابن عباس -رضي الله عنهما-: إن للحسنة ضياء في الوجه، ونورًا في القلب، وقوة في البدن، وسعة في الرزق، ومحبة في قلوب الخلق..
وكل ما عليك هو فقط إحسان الظن بالله تعالى، وتذكّر أنه سبحانه يقبل التوبة، وأن رحمته واسعة، قال سبحانه: وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ {الشورى:25}، وقال: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ {الزمر:53}، وروى البخاري، ومسلم عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ويتوب الله على من تاب.