أخبار

احرص على هذه العبادات .. تسعد في دنياك وأخرتك

ليست الكهف وحدها..8 سور يستحب قراءتها أو سماعها يوم الجمعة لها فضل عظيم

الصلاة على رسولنا المصطفى يوم الجمعة.. فضلها وعددها وصيغها ووقتها

فضائل التبكير إلى صلاة الجمعة.. أعظمها رقم (6)

أفضل ما تدعو به وأنت ذاهب لصلاة الجمعة

احرص على هذا الأمر في صلاة الجمعة يقربك من الجنة!

فضل اغتسال يوم الجمعة خاص بالمتزوجين فقط .. هل هذا صحيح؟

سنن وآداب وأدعية يوم الجمعة

للحصول على نوم جيد.. كل ولا تأكل (نصائح لا تفوتك)

"الصحة العالمية" تحذر من تفشي أنفلونزا الطيور: سيؤدي إلى وفيات أكثر من كوفيد

خطبة الجمعة غدًا.. الإصلاح في الأرض رسالة سامية كيف نحافظ عليها

بقلم | محمد جمال حليم | الخميس 04 فبراير 2021 - 06:00 م

تماشيًا مع ما ينفع المسلمين وخاصة الدعاة نقدم زادًا للدعاة يعينهم على البحث ويفتح لهم الطريق لاستلهام الدروس والحكم من خلال نشر الوعي وإمدادهم بزاد ثقافي كل أسبوع.. وخطبة اليوم من تحرير

د. عادل هندي الأستاذ بجامعة الأزهر الشريف:

الحمد لله الذي أمر بالإصلاح في آيات كتابه الحكيم، فقال: ((فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا))، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، هو عزّ كل ذليل، وهو قوة كل ضعيف، وهو غوث كل ملهوف، وهو ناصر كل مظلوم، وأشهد أن سيدنا التقي البهي النقيّ الفتيّ الوليّ محمدًا عبدُالله ورسوله، صلى الله عليه وعلى إخوانه من الأنبياء والرسل والمصلحين، وبعد:

فإنَّ من بين ما أمر الله به تعالى عباده وكل أوامره خير: الإصلاح في الأرض، كما نهى عن الإفساد فيها أو مجرّد الرضا بعمل المفسدين، فقال تعالى: "وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ" [الأعراف: 85]. وربنا سبحانه لا يحب الفساد، كما لا يحب المفسدين، قال عزّ وجلّ: "وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ" [المائدة: 64]، كما قال تعالى: "وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ" [البقرة: 205]. وفي نص قرآني بديع ورد على لسان نبي الله موسى -عليه السلام- وهو ينصح أخاه هارون -عليه السلام- بالإصلاح وعدم تتبع طُرق المفسدين، قال له: "وَأَصْلِحْ وَلَا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ" [الأعراف: 142]

وما ذاك إلا لأنَّ من غايات إرسال الرسل -عليهم صلاة الله وتسليماته- الإصلاح في الأرض، وقد تعددت مناحي الإصلاح، اجتماعيا، سياسيا، اقتصاديا، أخلاقيا وسلوكيا، علميا، فضلا عن الإصلاح في الجانب الديني والاعتقادي.. وهذا نبي الله شعيب عليه السلام يلخّص الهدف من رسالته بقوله: "إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ" [هود: 88]. وقد كان لإصلاح أنبياء الله تعالى في الأرض أربعة منطلقات أساسية، وهي: «(1) المنطلق الإيماني، (2) والضوابط الشرعية، (3) واعتبار المصلَحة، (4) والنظرة الشمولية».

وسيبقى الإصلاح هو الغاية من خلق البشر وإيجادِهم، قال تعالى: "هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا" [هود: 61] أي: طلب منكم تعميرها وإصلاحها، كما أنه سبب للنجاة من الهلاك والإهلاك من الجبّار القهّار، قال تعالى: "وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ" [هود: 117] لم يقل: «وأهلها صالحون» وإنما قال: «مصلِحُون»؛ فقيمتك ليست في صلاحِك الذاتي؛ وإنما في إصلاحك في الأرض وثمرتك في الحياة.

كما أنّ الإصلاح هو عنوان الأمة الأساسي وشرفها -القائم على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر-، قال تعالى: «كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ المُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ».. فما استحقت الأمة الخيرية إلا بالإصلاح والتغيير إلى الأفضل، ومتى تركت الأمة ذلك الشرف تدنست قيمتها ولم يعد لها قيمة عند الله ولا بين الأمم والشعوب.

والإصلاح هو واجب الوقت شرعًا وعقلا وواقعيًّا، ولا صلاح لنا ولا تغيير بدون قيمة الإصلاح الحقيقي الشامل، قال تعالى: "إِنَّ اللهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ" [الرعد:11].

وإنَّ المخالفين للمنهج الإصلاحي الذي جاء به أنبياء الله تعالى، إنما هم في حرب ضروس مع الله عزّ وجلّ، كما أن المفسدين في أيِّ جانب من تلك الجوانب هم الذين يبتغون الفتنة، ولن يفلتوا من العقاب الإلهي إن عاجلا أو آجلا -إن لم يهتدوا-. كما نهى الله تعالى عن اتباعهم أو السير في ركابهم، فقال سبحانه: "وَلَا تُطِيعُوا أَمْرَ الْمُسْرِفِينَ * الَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ" [الشعراء: 151، 152]

كيف تحدّث القرآن عن المفسدين وبُغاة الفتنة؟

الفتنة: كلمة جامعة لكل انحراف يعتري حياة الناس، في أفكارهم وأموالهم وسلوكياتهم وأعراضهم وعلاقاتهم، وقد ورد في القرآن الكريم ما يؤكد تنوع معانيها، فتارة تأتي بمعنى الشرك، وتارة أخرى بمعنى التعذيب كما في قصة أصحاب الأخدود، وتارة أخرى بمعنى الاختبار والابتلاء، وتارة بمعنى المصيبة، وتأتي بمعنى الاقتتال، وتارة بمعنى الشبهة أو الشهوة، ولا تتمكّن تلك الفتن من واقع المجتمع إلا إذا ابتعد الناس عن دين ربهم وهدي الأنبياء والمصلحين. 

ولقد امتلأت صفحات الكتاب المجيد بكثير من الآيات الدالّة على ضرورة الإصلاح في الأرض، وبيان خيبة وخسارة بغاة الفتنة وناشري الفساد في المجتمع، حتى ساق القرآن الكريم آيات زاجرة بعقوبات واضحة للمفسدين في الأرض، ممن يروّعون الآمنين، ويرعبون خلق الله، كما في سورة المائدة: "إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ" [المائدة: 33].

ففي هذه الآية الكريمة أكبر دليل على أنّ بُغاة الفتنة إنما هم في حرب مع الله، مهما كانت قوتهم، ومهما تعددت وسائلهم، فلا شكّ أن الله أقوى منهم وأعظم، ولو طالت فترة فِتنتهم وبَغيهِم وغيّهم.. وما ربُّك بغافلٍ عما يعملون، كما أنّ نهايتهم حتمية، وقد حدّثنا القرآن الكريم عن أممٍ افتتن الناس بقوتها وفسادها، فطالها الهلاك والإهلاك.

وما ذلك إلا لأنهم شُذّاذُ الخلق!!

إنهم هم المفسدون وما كانوا مصلحين!!

هم بُغاة الفساد والإفساد!!

هم ذلك السُّوس الذي ينخر في جسد الأمّة والمجتمع!!

إنهم يسعون بالفساد في الأرض، يعملون على تفريق شمل الناس، ويجتهدون في ترويج الشائعات المكذوبة ابتغاء الفتنة وابتغاء البلبلة، كما أنهم لا يضيعون فرصة في الالتحام مع الباطل وأهله، كما يعملون على إشاعة الفواحش بقدر استطاعتهم، ..... إلى غير ذلك من الصفات والسمات المذمومة المُهلكَة..

آثار انتشار الفتن على الفرد والمجتمع:

1. الإفساد العام والشامل، في العقيدة والأخلاق والسلوكيات، قال تعالى: "وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا" [الإسراء: 16].

2. الهلاك الاجتماعي وتشتيت شمل المجتمع: ففي الحديث عن أم المؤمنين زينب بنت جحش رضي الله عنها قالت: (يا رسول الله أنهلك وفينا الصالحون؟، قال: نعم، إذا كثر الخبث).

3. كثرة الهرج والقتل والإتلاف لحياة البشر ماديا ومعنويا.

4. انحراف شباب الأمة وانجرافهم إلى كل سوء من قول أو عمل.

5. التشكيك العقدي في الدين، ومن ثم شرود أهل الإسلام عن إسلامهم وأصوله، ومن ثم تكثر الشبهات القاتلة التي تُحرّك الناس نحو الانحراف العقدي والديني.

وقد حذّرتنا الشريعة الإسلامية من شرورهم، ووجّهت أبناء الأمّة إلى كيفية تجنب سلوكياتهم وتصرفاتهم. ومن بين ذلك ما يأتي:

كيف نواجه الفتن وبغاة الفساد؟

1. اللجوء الدائم إلى الله تعالى؛ بالطلب منه والاستعانة به في صرف الفتن عن النفس والآخرين.

2. تربية الذات على الصبر عن المعاصي والفتن والشهوات والشبهات؛ حتى لا تتمكن الشياطين من نفوس أهل الإيمان فتصرفهم عن الجادّة، وفي هذا الصبر والتصبر الثواب العميم من الله، قال سبحانه: {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ} [الزمر: 10].

3. تكثيف دعوة المصلحين بتصحيح المفاهيم الخاطئة، والعمل على ردّ الناس إلى الحق في الفهم والسلوك، قال الله تعالى: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [آل عمران: 104]. وشرف كبير أن يكون من المسلم من دعاة الحق، الذين يواجهون بغاة الفتن بجهودهم الدعوية، وكانوا من الفرقة المصلحة، كما قال تعالى: {وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ} [التوبة: 122].

4. التنشئة الاجتماعية والتربية الصحيحة للأبناء والبنات على العقيدة الصحيحة النابعة عن مراقبة الله تعالى والإحسان في عبادته سبحانه، فضلاً عن التربية الأخلاقية التي تحمل الإنسان على ترك المعاصي وما يُستقبح من السلوك والتصرفات.

5. ضبط الجوارح بالابتعاد عن الحرام، فالعين لا تنظر إلى حرام، ولا تتبع الأُذُن الحرام، كما لا ينبغي أن تمشي الأقدام إلى الفُحش.

6. تهيئة المجتمع إعلاميا وتعليميًّا على رفض كل منبوذ من الأفكار والأخلاق والسلوكيات، وذلك من خلال توظيف الدراما في معالجة تلك الفتن الفكرية والسلوكية؛ فإنّ الدور الإعلامي لا ينبغي أن يكتفي بالرصد للمشكلة دون توجيه أو تربية أو إعلام بالعلاج المناسب.

الحاصل:

أن رسالة الإسلام هي رسالة صلاح وإصلاح، كما أن المسلم صالح مصلح، والفتنة وبغاتها مرض عضال  يعطل مسيرة الإصلاح ويتنافى مع رسالة الاستخلاف في الأرض ويعرض صاحبه للحرب مع الله عز وجل، فينال شر الدنيا وعذاب الآخرة، وقد اتضح لنا موقف الإسلام من نشر الفتنة وإشاعتها،  ومن بين وسائل المواجهة والوقاية من الفتن: التزام المنهج الإصلاحي للأنبياء عليهم الصلاة والسلام.. 



الكلمات المفتاحية

الإسلاح في الأرض عقوبة الإفساد في الأرض آثار انتشار الفتن على الفرد والمجتمع كيف تحدّث القرآن عن المفسدين وبُغاة الفتنة؟

موضوعات ذات صلة

الأكثر قراءة

amrkhaled

amrkhaled تماشيا مع ما ينفع المسلمين وخاصة الدعاة نقدم زادًا للدعاة يعينهم على البحث ويفتح لهم الطريق لاستلهام الدروس والحكم من خلال نشر الوعي وإمدادهم بزاد ثقا