من أسماء الله الحسنى اسم الله "الحي"، معناه: الذي له كمال الحياة، والذي لا يموت، وهو الحي بذاته: "كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالإكْرَامِ"، لا باقي إلا الله.. والإنسان لا يحيا بذاته.. بل بإمداد الله له.. فإذا قطع الله الإمداد عنه صار جثة هامدة.
حياة الله تعالى ليست مستمدة من جهة أخرى، بينما حياتنا نحن البشر نستمدها منه.. هناك ألف سبب يسلبه حياة الإنسان.. عمر الإنسان بعمر شرايينه.. عمره متعلق بقلبه وشرايينه.. وقلبه متعلق بجهازه العصبي.
الحي هو الله وحده ولا يطلق الحي إلا على الله وحده. وقال بعضهم: "الحي هو الباقي من أزل الأزل إلى أبد الأبد". يقول تعالى" وَلا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لا إِلَهَ إِلا هُوَ كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلا وَجْهَهُ لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ".
وقد ورد اسم الله الحي ورد في آيات كثيرة: آية الكرسي "اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ "(البقرة)، "الم اللَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ" (آل عمران)، "وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْمًا" (طه). "وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ وَكَفَىٰ بِهِ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرًا" (الفرقان) "هُوَ الْحَيُّ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ ۗ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ" (غافر).
الذي خلق الموت والحياة
لن ترتقي إلى الله بكل قوتك وروحك حتى تفهم حقيقة الموت والحياة، أناس كثيرين معنى قول الله تعالى في سورة الملك: "الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ"، كيف يكون الموت خلقًا من خلق الله؟، هناك ردان على ذلك.. رد علماء المسلمين، ورد علماء البيولوجي.. علماء المسلمين قالوا: الموت مخلوق مثله الحياة بالضبط، لأن الأصل في الكون كله قبل الحياة والموت، أنه كله عدم إلا بالله، أما الحياة بمعناها المطلق لله وحده.. معنى لا إله إلا الله.. لا وجود إلا بالله.. كله عدم إلا بالله. "كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ" كله عدم والله هو الحي الذي لا يموت.. إذًا الموت والحياة من خلق الله.
أما علماء البيولوجي، فيقولون: الإنسان في حالة هدم وبناء يومي.. كل يوم ملايين الخلايا تموت في جسم الإنسان وملايين الخلايا تفنى.. الموت جزء من حياة الإنسان.. كل يوم 60 ألف خليه تموت وينمو مثلها.. في الطفولة يكون البناء أكثر من الهدم.. في متوسط العمر يكون توازنًا.. في الكبر يكون الهدم أكثر من البناء يقل مع الرياضة، كل يوم جسمك فيه هدم وبنا.. الموت جزء من الحياة "الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا".
لكن الأهم والأخطر أن كل واحد حتى نفسيته فيها هدم وبناء.. موت وحياة. جانب الهدم في نفسك: اليأس.. التشاؤم.. القنوط.. الإحباط.. الاكتئاب.. أما جانب البناء في نفسك: الأمل.. التفاؤل.. الهمة.. الإيجابية.. كل إنسان فيه الاثنان.
الصلاة والذكر والتفكر في الله يجعلك تتصل بالحي سبحانه الذي لا يموت.. فيمدك بمعاني الحياة.. في نفسيتك فيعينك على مواجهة المعاني السلبية للهدم.. اتصل بالحي تحيا نفسك بمعاني البناء على معاني الهدم.. الاتصال اليومي بذكر الله هو الحبل السري لحياتك ولنفسيتك.
اقرأ أيضا:
كل ما تريد معرفته عن برامج عمرو خالد خلال مسيرته الدعويةالذكر يحيي القلب
هناك فرق كبير بين قلب حي يذكر الله وقلب ميت .. النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "مَثَلُ الَّذِي يَذْكُرُ رَبَّهُ وَالَّذِي لا يَذْكُرُ رَبَّهُ مَثَلُ الحَيِّ وَالمَيِّتِ". ويقول تعالى "وَمَا يَسْتَوِي الْأَحْيَاءُ وَلَا الْأَمْوَاتُۚ إِنَّ اللَّهَ يُسْمِعُ مَنْ يَشَاءُۖ وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ"، وقال تعالى" أَوَمَن كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَن مَّثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِّنْهَا "
يحيا القلب بذكر الله ويطمئن بذكر الله.. والإنسان المعاصر يفقد شيئًا ثمينًا جدًا وهو الطمأنينة.. الحياة فرصة واحدة.. لا تغامر في الفرصة الواحدة.. لا تضع كل البيض في سلة واحدة.. سلة الدنيا.. وزع قدراتك بين الدنيا والآخرة.
بعد الموت تتحرر الأرواح من الجسد، تنطلق في السماء، لو كنت معتادًا على ذكر الله في الدنيا، تنطلق روحك بعد موتك تذكر الله.. تخيل ذكر الأرواح في السماء.. تخيل أفراح الروح وهي ترى الملكوت والملائكة.. فمن عاش بذكر الله يموت وتظل روحه تذكر الله.