من أسماء الله الحسنى، اسم الله "الستار" يحب الستر والصون والحياء، وهو وإن لم يرد في القرآن فقد ورد في السنة النبوية، فعن يعلى بن أمية :«"ن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلاً يغتسل بالبزار بلا إزار، فصعد المنبر، فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال: إن الله عز وجل حييٌّ ستير يحب الحياء والستر، فإذا اغتسل أحدكم فليستتر".
والستر هو التغطية.. تقال: سترة، أي غطاه.. والستر هو الغطاء والحجاب.. "جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ حِجَابًا مَّسْتُورًا"، ومنها ستاره.. سُتره، والله ستار يغطي عيوب عباده.. وستره لك يعينك على حبه.. هل تتذكر كم مرة سترك ولم يفضحك.. كل الناس لديهم شيء يخبئونه وليس شيئًا حرامًا، فقد يكون عيبًا خلقيًا أو مشكلة عائلية لا يريد من أحد أن يعرفها، فتعيش مستورًا وتموت مستورًا ولا يدري أحد بعيوبك.. لماذا سترك؟ لأن "الله حيي ستير يحب الستر والحياء .. يستحي أن يفضح عبده".
ستر المشاعر الداخلية وأفكارك السيئة.. ستر الخواطر داخل الإنسان.. تبتسم في وجه إنسان لكن من داخلك تكرهه.. الخواطر مستورة.. وإلا فسدت الحياة.. العلاقة بين الأستاذ وتلميذه، تخيل لو أن الخواطر مكشوفة ماذا كان يحصل.. كذلك الرجل وزوجته.. لو الخواطر مكشوفة بلا ستر.. ماذا كان يحصل.
ماذا لو لم يسترك الله؟
تخيل لو أن الله الستار كان من صفته أن يفضح الخلائق.. تخيل لو أنك عصيت وكتب على باب بيتك مثل بني إسرائيل.. مكتوبًا على جبينك.. تخيل لو أن الذنوب مجسدة.. يوم القيامة "وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزَارَهُمْ عَلَى ظُهُورِهِمْ".. ثم ستره لك يوم القيامة يقول لك: "ادن عبدي ويرخي ستره ..".
إن الله حيي ستير يحب الستر والحياء، ولكن لماذا قيلت صفة "حيي" مع صفة "ستير" في هذا الحديث؟ لأن الله يستحي أن يفضحك، فتخيلوا لو أنه يفضح ولا يستر، ولو أنك أخطأت في شيء ما ففضحك الله تعالى، ماذا سيحدث في الأرض بعد ذلك؟
هل هناك وصفة حتى يسترك الله؟.. نعم.. إذا أردت أن يسترك استر الناس.. إياك أن تفضح أحدًا.. أتريد أن يسترهم ربنا وتفضحهم أنت.. أتريد أن ترفع ستارة وضعها الله: "من تتبع عورات الناس ليفضحهم تتبع الله عورته حتى يفضحه في جوف بيته".. ماذا أعمل؟
الفضيل بين عياض: "المؤمن يستر وينصح والمنافق يهتك الستر ويفضح"
شرحبيل بن السمط: إنكم نزلتم أرضًا بها خمر ونساء فمن أتى ذنبًا فليأتينا لنطهره.. فقام عمر بن الخطاب بعزله.. أتأمرون قومًا ستر الله عليهم أن يفضحوا أنفسهم .
الأمر الثاني: احفظ حدودك.. وإياك والمجاهرة.
اقرأ أيضا:
كل ما تريد معرفته عن برامج عمرو خالد خلال مسيرته الدعويةعلاقة التوبة بالستر
حافظ على رصيدك من الستر بالتوبة، تخيل زجاجة من المياه، وذنوبك هي المياه فيها، وأن الزجاجة هي حد الستر، فما دامت ذنوبك بداخل الزجاجة، فأنت مستور وكلما علت المياه بداخل الزجاجة، أي الذنوب في حياتك، كلما أوشكت على أن تفضح.
لو قمت مثلاً بعمل عمرة ستنزل ذنوبك للأسفل، لو تبت مثلاً ستقل الذنوب، لكن ما إن تفعل الكثير من الذنوب حتى تخرج خارج حدود الستر، لكن كيف أعرف هذه الحدود؟ ستعرفها بالخبرة، كلما شعرت أن ذنوبك بدأت في الزيادة ابدأ في الاستغفار، أو أنك مثلاً جاهرت بالمعصية، فعندها مستوى الذنوب يرتفع، ألم تكن تفعل الذنوب وأنت مستخفٍ فيسترك الله، فلماذا تجرأت الآن على المجاهرة؟
عش مع الستارـ. كنت أذهب إلى البحر كل يوم قبل آذان المغرب بنصف ساعة ومعي سبحتي، فأمسك بالسبحة وأمضي نصف ساعة على البحر أقول كلمة واحد فقط: يا ستار استرني، يا ستار استرني، عش مع اسم الله الستار، واستر على الناس وعش مع اسم الله الستار فتصبغ بهذا الخلق في كل حياتك.
ادع الله تعالى باسمه الستار: يا ستار استرنا .. يا ستار استر أعراضنا.. يا ستار استر عيوبنا.. وهذا الاسم هو مدخلك لمنزلة التوبة.. رصيد الستر والتوبة.
العقل الباطن يمتلأ بما يتم تكراره.. أفكارك وتصرفاتك هي نتاج المخزون في عقلك الباطن هذا ما يفعله الذكر في عقلك بالضبط.. وقل: يا ستار استرنا.. يا ستار استر عيوبنا .. يا ستار استر أعراضنا.. والذكر سيصل بك إلى الإحسان.. حتى تعبد الله كأنك تراه.