أخبار

هل يدخل الجنة من مات طفلا؟

الجمعة عيد المسلمين.. ماذا عن" الصدقة" وآداب هذا اليوم؟

فضل الصلاة على النبي يوم الجمعة.. قصة عجيبة لرجل نجا من النار بسببها

5 أشياء حافظ عليها لإحياء ليلة الجمعة.. يكشفها الدكتور عمرو خالد

تعرف على وقت ساعة الإجابة من يوم الجمعة

من صعوبة النوم إلى تساقط الشعر.. أبرز علامات متلازمة تكيس المبايض

وجبة غداء يستغرق إعدادها 5 دقائق تخفض ضغط الدم وتحمي من أمراض القلب والسرطان

ما الحكمة من موت الفجأة لبعض الناس دون أية مقدمات؟ (الشعراوي يجيب)

ليس كل الكذب مرفوضًا.. تعرف على الكذب المحمود

من هم أهل الحوض الذين سيشربون من يد النبي الشريفة يوم القياية؟ وماذا كانوا يفعلون؟

لماذا يحدث الهم؟!

بقلم | ناهد إمام | الاثنين 08 فبراير 2021 - 08:04 م

تحدثنا في مقال سابق عن "الهم"، كمرض، وعلامات وجوده عند بعض الأشخاص، وتداعياته السلبية على حياتهم.

وفي هذا المقال نتحدث عن أحد الأسئلة المهمة التي حاول الباحثون الإجابة عنها،  هو،  لماذا يدخل المريض في حالة الهم والتفكير المستمر في موضوعات ليس له تحكم فيها ، ويقوم بما يسمى "الهم" أو "الاجترار المستقبلي للأحداث"؟!

 يجيب دوجاس وروبيشود عن السؤال ?Why Worry بأن هناك مجموعة من المعتقدات الإيجابية أو الأسباب الما وراء معرفية هي التي تجعل الشخص يدخل في عملية الهم باعتبارها عملية معرفية واستراتيجية تكيف،  لكنها للأسف غير تكيفية وغير مفيدة فمثلا:

1- الهم يساعدني على حل المشكلات،  فيعتقد الشخص القلق مثلا:

• من خلال القلق، يمكنني أن أجد طريقة أفضل للقيام بالأشياء.

• أشعر بالقلق لأنني أعتقد أنه يمكن أن يساعدني في إيجاد حل مشكلتي.

• من خلال القلق، يمكنني أن أجد طريقة أفضل للقيام بالأشياء

• عندما أكون قلقا ومنشغلا بالتفكير فهذا يساعدني في التخطيط وحل المشكلة.


2- الهم يزيد من دافعيتي للعمل والإنجاز،  فيعتقد الشخص القلق مثلا:

• القلق يحفزني ويجعلني أكثر فعالية.

• القلق والتفكير المستمر يدفعني للعمل وإنهاء المهام.


3- القلق والهم يحميني من الشعور بالذنب،  فيعتقد مثلا:

• عندما أكون قلقا حول أمر ما خطير يمكن أن يحدث، حين حدوثه سأشعر بالذنب أقل.

• إذا حدثت مصيبة، فسوف أشعر بمسؤولية أقل إذا كنت قلق بشأنه مسبقًا.

• إذا كنت قلقًا، فسوف أكون أقل انزعاجًا عند وقوع أحداث غير متوقعة.


4- القلق يمكن أن يحميني من الأحداث السلبية،  فيعتقد مثلا:

• التفكير كثيرًا في الأشياء السلبية يمكن أن يمنعها من الحدوث.

• الدخول في الهم والقلق نفسه يمكن أن يمنع وقوع الحوادث المؤسفة.


5- القلق سمة إيجابية،  فيعتقد مثلا:

• إن لم أقلق، فسأكون مهملاً وغير مسؤول.

• كوني شخص قلق تؤكد أنني شخص حكيم.

ويشير أدريان ويلز (2011) Adrian Wells إلى أن الهم والقلق،  يرتبط ببعض المعتقدات وراء المعرفية التي تبدو في ظاهرها إيجابية،  لكنها مرهقة وغير مفيدة تتضمن هذه المعتقدات،  أن القلق يساعدني في التأقلم، والتكيف،  ويجعلني مستعدًا،  ويجعلني مسيطرًا على الأحداث،  ويشعرني بالتحكم ويجعلني أتوقع المشكلات وأتجنبها.

مؤكدا أن هذه الافتراضات هي معتقدات وسيطة،  لا تظهر على السطح،  والوعي،  بسهولة فيمكن أن يجد الشخص صعوبة في التعرف عليها،  وتصديقها،  بل يجد المختص صعوبة في كشفها ، والتعامل معها لأنها معتقدات ما وراء معرفية تقف خلف التصرف،  خاصة إذا كان التصرف عملية معرفية،  كذلك من المهم أن نشير إلى أن القلق أمر نسبي على متصل ومدرج يختلف منشخص لآخر فيمكن أن يمارس الكثير من الأشخاص القلق دون أن يدرجوا تحت مسمى مضطربي القلق.

وهناك معتقدات أخرى تبدو واضحة ويرددها المريض ولكن غالبا ما يذكرها في شكواها بالعيادات عندما يصل لمرحلة من التعب والإنهاك النفسي بسبب القلق، هذه المعتقدات وفقا لويلز (2011) Wells تعتبر سلبية وواضحة وتقف خلف النمط الثاني من الهم عندما يشكو المريض من آثار حالة القلق عليه، ويبدأ في الاعتقاد بأن "يمكن أن أفقد عقلي بسبب حالة القلق التي أنا فيها." و"القلق سوف يضر جسدي." و"يمكن أن أصاب بالجنون من كثرة الهم." و"سوف أعاني من انهيار عقلي بسبب القلق".

إذا كانت هذه المعتقدات تقف خلف القلق والهم ، فإن ما يجعل الشخص يمارس عملية الهم دون أن يتوقف أو يتحقق من فعاليتها هو ما يعرف بـ"سلوكيات الأمان" التي تجعل المخ يدرك أن الخطر الذي نبهنا له أمر مهم ، بدليل أن الشخص استجاب للفكرة الأولى ودخل في عملية تفكير وانشغال،  فيشير الباحثون لأهمية وقف سلوكيات الأمان والطمأنة التي تلعب دورًا مهمًا في استمرار الهم لدى الشخص، فأي سلوك يفعله الشخص ردًا على فكرة أو مخاوف مرضية هو غالبًا سلوك أمان غير مفيد وليس له علاقة بالنتائج التي يمكن أن تحدث وفقا لتوقعات مرضى القلق.

أمر في غاية الأهمية هو ضرورة التأكيد على أن الجميع لديهم أفكار قلق،  لكن ليس الجميع لديهم عملية معرفية تسمى الهم والاجترار المستقبلي للأحداث،  ورسم سيناريوهات كارثية،  لا يترتب عليها عمل وإجراءات. 

فجميع البشر لديهم فكرة أولى تبدأ بماذا لو؟ لكن أغلب الأسوياء يتجاوزنها بسهولة،  ويعطونها أهمية أقل ولا يتفاعلون معها، بينما المرضى يعطون الفكرة الاولى أهمية بالغة وينخرطون في الهم غير المفيد. 

كذلك يختلف الأسوياء عن المرضى في عملية تقبل الغموض،  وتحمله،  بينما الشخص القلق لا يستطيع تحمله،  ويبدأ في التفكير وكأن كثرة التفكير ستكشف له غموض الموقف المستقبلي الافتراضي،  الذي ربما يكون أمرًا قدريًا ، أو لا مسئولية عنه في وقوعه أو منعه.

فالشخص القلق يبدو له أي موقف غامض ليس فيه تأكيد،  كحدث مؤذي ومصيبة محتملة الحدوث،  وتستدعي الكشف عن احتمالية حدوثها ، والاستعداد قبل وقوعها،  والتنبه للمخاوف وهذا يجعل انتباه الشخص القلق زائدا في حالة من "التيقظ المفرط" ، وبالتالي سيحدث تحيز في الانتباه فيرى المخاوف المحتملة بمنظار غير دقيق، وسيتخيل أي موقف أو إشارة محايدة أو طبيعية على أنها خطر، مثل من يخاف من الدم فحين يرى شيئا لونه أحمر سيحصل الانتباه على صورة الدم، ومن يخشى الثعابين سيتصور سريعًا أن الحزام أو الحبل هو ثعبان وموضع خطر، هكذا يعمل عقل الشخص القلق من أجل حمايته في الطوارئ وعندما يستجيب بسلوكيات الأمان فكأنه يعزز انتباه العقل ويقول له شكرًا جزيلًا، نبهني دائما وأنا معك أستجيب.

تأجيل الاجترار

إحدى الحلول التي تقدم في وقف عملية الهم. هي تأجيل الاجترار والهم أو تحديد وقت محدد للهم،  وهو تكنيك مستخدم في العلاج ما وراء معرفي ويكون ذلك كالآتي:

- التعرف على حالة الهم التي يدخل فيها الشخص وتسميتها "مثلا حالة الهم – أو التفكير والانشغال".

- تحديد عيوب هذه العملية: كم من الوقت تأخذ؟ هل تصل بي لحلول؟ كم مرة أفكر ولا أصل لحلول فيما يتعلق بهذا الأمر؟

- الوعي بها والاتفاق على تأجيل التفكير في بعض الهموم الافتراضية لوقت محدد وليكن ساعة بالنهار لا أفكر قبلها ولا بعدها وأركز في مهامي اليومية، وكلما انتبهت لهذه الحالة أعود بكل رفق وهدوء وأقول لدينا موعد محدد للتفكير والآن أعود لمهامي اليومية وهكذا إلى الوقت الذي سينسى فيه الشخص التفكير في هذه الساعة لأنها عملية غير مفيدة.

ميزة هذا التأجيل أنه يؤكد للعقل أن الانشغال والهم غير مفيد فلا تدفعني له، كما أنه يجمع الهموم المتفرقة خلال اليوم لوقت محدد، كما أنه يمنع سلوكيات الأمان.

ويمكن صياغة هذا التكنيك بطريقة أخرى تسمى "شجرة الهم" وهي طريقة تساعد على التمييز بين الهم التكيفي،  الذي يعتبر مشكلة حقيقية ويتطلب أسلوب حل المشكلات وبين الهم غير التكيفي الذي لا يتطلب حل المشكلات هو تكنيك شجرة الهم والقلق، بأن يسأل الشخص نفسه أنا مهموم بأي شيء؟ وهل يمكنني فعل شيء تجاه تلك المشكلة؟ فإن كانت الإجابة لا، فليذهب الهم والقلق غير المفيد،  وأركز على الحاضر طالما لا حيلة في الأمر،  مثل الرزق والموت لا حيلة ولا شفاعة، وإن كانت الإجابة نعم هناك ما يمكن فعله، فقم بتحديد خطة العمل وإجراءات حل المشكلة (ما الحل ومتى يتم تنفيذه وكيف؟) وإن كان الحل توقيته ليس الآن،  فأحدد التوقيت بالتقريب على طريقة لكل حادث حديث. وليذهب القلق والهم، فالشجرة نهايتها واحدة وهي نهاية القلق والهم.

نستعيذ بالله من الهم والحزن والعجز والكسل ونسأله سبحانه وتعالى أن يرزقنا راحة البال وسعادة الدارين.

د.إبراهيم يونس


الكلمات المفتاحية

الهم القلق الشعور بالذنب مرضى أسوياء معتقدات احتمالات

موضوعات ذات صلة

الأكثر قراءة

amrkhaled

amrkhaled تحدثنا في مقال سابق عن "الهم"، كمرض، وعلامات وجوده عند بعض الأشخاص، وتداعياته السلبية على حياتهم.