عمري 18 سنة ومشكلتي أنني أكره والدي، بسبب كثرة شجاره مع والدتي، وملاحقته للنساء، وزواجه من أخرى، وطلاقه لوالدتي.
أصبحت أكره نفسي، وأكره والدي، وأتمنى لنفسي أب آخر بمواصفات أخرى أحبها في الآباء، وأبكي كثيرًا وأدعو الله أن يتغير والدي ويعود لوالدتي، ويترك هذه السيدة التي تزوجها.
أجلس وحدي كثيرًا، وتلاحقني أسئلة بلا إجابة، لماذا حدث الطلاق؟ وما ذنبي أن أعيش مع أم وأب مطلقين، وكيف سأتزوج وهذا وضع عائلتي، ولماذا فعل بنا والدي هذه المصائب، وكلها لا أجد لها إجابات، سوى التخلص من حياتي بالإنتحار.
أنا منهارة، ماذا أفعل؟
الرد:
مرحبًا بك يا عزيزتي..
قلبي معك..
أقدر مشاعرك، وما تعرضت له، وأتفهم ألمك، ولكننا لا نعيش الحياة بشروطنا، ومن يفكر بهذه الطريقة يتعب كثيرًا، ويتألم أكثر، ويغرق نفسه بنفسه في معاناة لا تنتهي.
هناك أمرًا مهمًا لا يمكننا العيش بأمان، وتصالح، وطمأنينة، وسواء نفسي، بدونه، وهو "القبول".
عندما تولي الحياة ظهرها لنا أحيانًا، تصفعنا بالإبتلاءات، والمصائب، لا ينبغي أن نصارعها، ونعترك معها، ونكيل لها الضربات كمن يخبط رأسه في الحجارة، فتبقى هي وتصاب الرأس وربما تتهشم، بل علينا أن نتقبل "الألم" ، ونتقبل "الحدث المؤلم"، والقبول لا يعني الموافقة، ولا الاستسلام، فقط نحن نريح عقلنا غير القادر على تصديق، واستيعاب ما حدث، ونعطي أنفسنا استراحة محارب، لكي نتممكن من تمالك أنفسنا، ومسك زمام مشاعرنا، وقيادتها، لنستطيع التفكير باتزان فيما يتوجب علينا فعله لصالحنا.
علاقة والديك، زواجهما، وطلاقهما، وعلاقات والدك بأخريات، وزواجه من أخرى، هذه كلها علاقات خارج حدودك يا عزيزتي!
نعم ، هذه علاقات تخص أصحابها، أسباب فشلها لا يعرفها غيرهم، وهم وحدهم مسئولون عنها، حسابهم عليها عند الله وحده وليس عند أي أحد آخر.
ما يخصك أنت يا عزيزتي هو علاقة البنوة والأبوة والأمومة.
ما يخصك هو "نفسك"، وعلاقاتك بوالديك، كل على حدة، وطلب احتياجاتك، وحقوقك، وأداء واجبك نحوهما بالبر، وحسن الصحبة.
لا تقحمي نفسك لأبعد، أو أعمق من هذا يا عزيزتي، فلن تجني سواء ما أنت فيه من حزن، واكتئاب، وقلق، وحيرة، وغضب، وتوتر، لن يضار غيرك، نفسيًا، وجسديًا، والصحي لك، والخير هو أن تقفي عند دورك كإبنة وفقط، أيًا كان المسمى والوضع الإجتماعي لوالديك.
كما قلت لك، "القبول"، مهم، ولا غنى عنه، قبول والدك كما هو مع عدم موافقتك على ما فعله ولا سمات شخصيته، وقبولك لطلاقه وزواجه، وقبولك لوضع والدتك، وهو بالمناسبة ليس وصمة، ولا عيبًا، وأنت محتاجة لتغيير تصورك، وفكرتك عن الطلاق والتي من الواضح أنها متأثرة بالشائع من مفاهيم وأفكار مجتمعية خاطئة.
أنت الآن في حالة حزن، من حقك، وغضب، من حقك، فلا تدفني مشاعرك هذه، عبري عنها كما شئت، ولكن لا تغرقي وتسمرئي العيش فيها فتتحول إلى معاناة تدفعك للتفكير في إنهاء حياتك تحت وهم أنه هذا هو الحل.
حزنك الكبير هذا حقك، لكنه سيصغر، رويدًا، رويدًا، إن تعاملت معه بشكل صحي.
لا بأس أن تطلبي المساعدة النفسية المتخصصة يا عزيزتي، لابد من عين معك ترى، ويد تسند وتدعم، وعقل يفكر معك بشكل أفضل، ولمصلحتك، بدون موقف مسبق، ولا مصلحة ما، سوى التعافي من صدمة تصرفات والدك، وطلاقه لوالدتك، وزواجه من أخرى، وكيفية التعامل بشكل صحي مع هذه المستجدات الصادمة، والتكيف مع الواقع الجديد، وعدم خسارتك نفسك.
ودمت بكل خير ووعي وسكينة.
اقرأ أيضا:
نصائح للتعامل مع الزوجة خلال فترة الحيض؟ اقرأ أيضا:
أغبياء لكنهم بارعون في تسويق أنفسهم أمام الناس؟!