عزيزي المسلم، أوتدري أن كل الأخطاء مغفورة عند الله تعالى، إلا ظلم العباد فهو مرهون بعفوهم.. فاحذر أن تقع في هذا الذنب العظيم، مهما أجبرتك الظروف.. فيا أيها الأخ الذي يظلم أخاه، ويا أيها الزوج الذي يظلم زوجته، ويا أيتها الزوجة التي تظلم زوجها، ويا أيها آباء الذين يظلمون أولادهم، ويا أيها الأولاد الذين يظلمون آباءهم، ويا أيها الجار الذي يظلم جاره، ويا أيها الطبيب الذي يظلم مرضاه ويبتز أموالهم، ويا أيها المدرس الذي يظلم طلابه، ويا صاحب الشركة أو المعمل الذي يظلم العمال والموظفين ويبخسهم حقوقهم، ويا من يأكل حقوق الغير، اعلموا جميعًا أن الظلم ظلمات يوم القيامة، ولهذا نزه الله سبحانه وتعالى نفسه عنه، فقال: « إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئًا وَلَكِنَّ النَّاسَ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ » (يونس: 44)، بل وحرمه تعالى على نفسه، كما في الحديث القدسي الذي رواه مسلم: «يا عبادي، إني حرمت الظلم على نفسي، وجعلته بينكم محرماً فلا تظالموا».
طعم الظلم في الدنيا
غالبية الناس إن لم يكن جميعهم، يتصورون أن المظلوم وحده هو من يتذوق طعم ما تعرض له من ظلم وجور على حقوقه، والحقيقة أن إحساس الظالم بجبروته وظلمه أكبر وأعم وأشمل، لأنه قد يبتليه الله بظلمه في الدنيا، فيرى جريرة ما اقترفته يداه، فالظلم كم أفقر بعد غنى وأذل بعد عزة، وكم أضعف بعد قوة وأسقم بعد صحة، وكم فرق بعد اجتماع وشتت بعد شمل، كم وكم من الويلات والمصائب حصلت بسبب ظلم الظالمين، لذا فقد قد جعل الله عقوبة الظلم معجلة في الدنيا قبل الآخرة لبشاعة الظلم وكثرة أضراره، حيث جاء في صحيح الجامع، أن النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم قال: «ما من ذنب أجدر أن يعجل الله تعالى لصاحبِ العقوبة في الدنيا، مع ما يدخره له في الآخرة من البغي، و قطيعة الرحِم».
اقرأ أيضا:
بها طمأن النبي صاحبه وبدد موسى خوف قومه.. استشعار معية الله مصدر كل طمأنينةدعوة المظلوم
عزيزي الظالم، يا من تتجبر على حقوق الناس، ولا تخشى الله عز وجل، أوتدري أن دعوة المظلوم ليس بينها وبين الله حجاب، فاحذر أن يرفع يده إلى السماء ويشكوك إلى الله، وحينها لن يتركك رب العزة تفسد في الأرض، بل سيأخذك أخذ عزيزي متقدر، فعن سيدنا أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم قال: «دعوة المظلوم مستجابة وإن كان فاجرا ففجوره على نفسه»، وفي صحيح الجامع، عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما، أن النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم قال: «اتقوا دعوة المظلوم، فإنها تصعد إلى السماء كأنها شرارة»، وقد قال ربنا سبحانه: « أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاه »، فكلما قوي الظلم قوي تأثيره في نفس المظلوم فاشتدت دعوته، ومن ثم قويت استجابته.