هل القيم صناعة؟.. سؤال بات يدور في أذهان الكثير من الناس، والإجابة: نعم القيم صناعة إسلامية بحتة، فالإسلام أول من اهتم ببناء الإنسان وقيمه، ووضع منظومة متكاملة من المبادئ والقيم ألزم بها كل من يتبع هذا الدين الحنيف، وقد حدثنا القرآن الكريم عن أُمم انهارت حين تخلت عن أخلاقها وقيمها، حيث يقول الله تعالى: «وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا» (الإسراء: 16)، بينما عاش الإسلام دومًا يدفع باتجاه الحفاظ على القيم، باعتبارها العمود الذي يقام عليه الدين كله، ولهذا فقد لقد اختصر النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم بعثته ورسالته المباركة في كلمة جامعة مانعة، يروي الإمام البخاري في الأدب المفرد والإمام مالك في الموطأ، الحديث الشريف: «إنما بعثت لأتمم صالح الأخلاق».. هكذا هو الإسلام وبناؤه الأساسي.
ضمان كل الصناعات
القيم هي الضمان الوحيد لإتمام كل الصناعات مهما كانت، فإن صلحت منظومة القيم، أقيم مجتمع كامل متكامل صالح، يقود الإنسانية جمعاء، وإن اختلفت أو اختلت هذه المنظومة، كان مبشرات لسقوط هذا المجتمع ككل، فكما أن للإنسان صورة ظاهرة وهي الخَلق، فإن له صورة باطنة ألا وهي الخُلق، فلا تغني الصورة الظاهرة عن الصورة الباطنة، ولذلك جمع النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم بين الصورتين في دعائه فقال: «اللهم كما حسنت خَلقي فحسن خُلقي».
بل أن الإسلام حد حدودًا اعتبرها (نهائية) ولا جدال فيها، بشأن القيم وتحقيقها، فلا يجوز لمسلم أن يتخطاها، وإلا يكون قد وقع في شرك كبير، ويلخص هذه الأمور قول النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم، كما في الحديث الذي أخرجه الترمذي بسنده من حديث أَبِي ذر رضي الله عنه قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اتق الله حيثما كنت (مع الله)، واتبع السيئة الحسنة تمحها (مع النفس)، وخالق الناس بخلق حسن (مع الناس)»، وفي ديننا كذلك: «أكمل المؤمنين إيمانًا أحسنهم خلقًا».
اقرأ أيضا:
كيف تخلق في نفسك الرغبة في النجاح؟ نماذج محمدية تدلك على التفوقبالأخلاق تنضبط حياة الناس
نعم عزيزي المسلم، فبالأخلاق تنضبط حياة الناس، وتستقيم وتؤدى الواجبات ويحصل كل واحد منا على حقوقه، وبالأخلاق يحافظ المجتمع على مقاصد الشريعة من حفظ الدين والمال والعقل والنفس والعرض، وبالأخلاق يزدهر الاقتصاد وينمو الإنتاج وتقضى مصالح العباد، وبالأخلاق نرتقي في جميع المجالات (اقتصاديا واجتماعيا وإداريًا)، فحين تتحول الأخلاق إلى نظام سلوكي عام ترتقي المجتمعات، حتى يصبح الأمر عادة ونموذج نعيش فيه، ننتج من خلاله، ونبني من خلاله، ونصنع من خلاله، ونتعامل من خلاله، ونزرع من خلاله، وبالتأكيد نحصد كل الخير من خلاله.