ورد سؤال يقول: "أنا متزوج وأحب زوجي ولكن هناك مشكلات بين أبي وزوجتي حتى تفاقمت هذه المشكلات وأمرني بأبي بطلاقها ويلح علي في ذلك، فهل أطيعه".
وأجاب الدكتور علي جمعة مفتي مصر السابق، وعضو هيئة كبار العلماء بالأزهر قائلاً:
الذرية من آثار ارتباط الرجل بالمرأة، وهو الزواج، وكذلك الذرية سبب لوجود علاقة جديدة هي الأبوة والأمومة، وقد لا يتصور إنسان أنه قد يتعارض أمر الزواج واستمرار الحياة الزوجية وما فيها من خير للبشرية، مع أمر حقوق الوالدين وطاعتهما.
وشهد عصر النبوة الأول حدث تعارض بين حقوق الوالدين، وبين استمرار الحياة الزوجية، عندما أمر سيدنا عمر بن الخطاب رضى الله عنه ابنه عبد الله أن يطلق امرأته التي يحبها - كما سيأتي مفصلا - منذ هذا الحين، وفقهاء الشريعة يتناولون الموضوع بالعرض والتحليل؛ لنعلم ما الذي يجب على المسلم فعله في مثل هذه الأمور، وما هو حد البر، وما هو حد العقوق إذا تعلق بإنهاء الحياة الزوجية.
فنراهم مصرحين بعدم الطاعة إلا أن يكون الأب الآمر من الصالحين والأتقياء، بغير التعرض لمسألة هل يستحب أم لا، فلقد ذكر ابن تيمية أن : « كلام أحمد في وجوب طلاق الزوجة بأمر الأب مقيد بصلاح الأب».
وابن تيمية حرم على الابن طاعة أمه في طلاق زوجته خاصة إن كان له منها أبناء؛ حيث سئل ابن تيمية في رجل متزوج وله أولاد, ووالدته تكره الزوجة وتشير عليه بطلاقها هل يجوز له طلاقها ؟ الجواب : « لا يحل له أن يطلقها لقول أمه, بل عليه أن يبر أمه وليس تطليق امرأته من برها، والله أعلم ».
كما ذهب ابن ملفح في الفروع إلى أنه لا تجب طاعة أبويه في الطلاق، فقال ما نصه : «فإن أمرته أمه فنصه : لا يعجبني طلاقه, ومنعه شيخنا منه, ونص في بيع السرية : إن خفت على نفسك فليس لها ذلك. وكذا نص فيما إذا منعاه من التزويج ».
وكذا ذكر في الآداب الشرعية أيضا حيث قال : « ليس للوالدين إلزام الولد بنكاح من لا يريد، وأنه إذا امتنع لا يكون عاقًا، وإذا لم يكن لأحد أن يلزمه بأكل ما ينفر منه مع قدرته على أكل ما تشتهيه نفسه كان النكاح كذلك وأولى، فإن أكل المكروه ومرارة ساعة، وعشرة المكروه من الزوجين على طول تؤذي صاحبه ولا يمكنه فراقه. انتهى كلامه ".
وأيضا ذهب العلامة المحقق الحنبلي البهوتي إلى أنه لا يجب على الابن أن يطيع الوالدين في طلاق زوجته، فقد قال ما نصه : « (ولا يجب) على ابن (طاعة أبويه) ولو كانا (عدلين في طلاق) زوجته; لأنه ليس من البر (أو) أي : ولا يجب على ولد طاعة أبويه في (منع من تزويج) نصا لما سبق ».
من العرض السابق يتبين لنا أنه لا يجب على الابن طاعة والده في أمره بطلاق زوجته، وأن عدم طاعة الوالد في هذا ليست من قبيل العقوق.
اقرأ أيضا:
يرفض إعطائي مصروفا شخصيا إلا مقابل العلاقة الشخصية.. فما الحل؟