عزيزي المسلم، دعاؤك إلى الله عز وجل ليس بالضرورة يغير القدر، لكن من الممكن أن يرضيك الله عز وجل به .. فاعلم يقينًا أن العبرة ليست بالنتائج التي تتمناها ونفسك فيها .. وإنما العِبرة بالطمأنينة بالذي تعيش فيه من فورك، فالقدر هو ما قدّره الله وقضاه من المقادير، أي الأشياء التي تكون. فلا يقع شيء في الكون إلا وقد علمه الله في علمه الأزلي، وقضى أن يكون، لكن بالدعاء قد يتغير القدر كله، وإن لم يتغير، فاعلم أن الله يقدر لك خيرًا أفضل فلا تيأس أو تعجز، ولا تتوقف عن الاستمرار في الدعاء مهما مرت سنوات وسنوات.
العلماء يوضحون طريقة تغيير القدر بالقول: إن هناك أقدار معلقة، أي يمكن تغييرها، لكن هذه المقادير تتغير عند الملك الموكل لها، مثلا الموت.. يقال أن صلة الرحم تطيل عمر الإنسان، هذا فقط لدى ملك الموت، لكن عند الله فهو من البداية يعلم ذلك، وذلك تأكيدًا لقوله تعالى: «يَمْحُوا اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ» (الرعد:39).
رد القدر
هنا الله عز وجل يمنح الإنسان فرصة قوية لرد القدر، وهو وحده القادر على ذلك، فقد ورد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: « وَلَا يَرُدُّ الْقَدَرَ إِلَّا الدُّعَاءُ »، ومعنى أنه لا يرد القدر إلا الدعاء ، ليس المراد به القدر المحتوم، فالقدر الذي سبق علم الله بأنه يكون: لا يرده شيء، لكن المقصود أن يمنح الله العبد طريقًا يكشف له حقيقة الأشياء فيؤمن بما قدر، ويرضى بما وقع، فتكون نتيجتها عند الله عظيمة، إذ يحظى العبد (الراضي) بأقدار الله مهما كانت، بمكانة كبيرة يوم القيامة عند الله عز وجل، كما في الحديث الذي رواه أحمد والترمذي وابن ماجه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا يزيد في العمر إلا البر، ولا يرد القدر إلا الدعاء، وإن الرجل ليحرم الرزق بخطيئة يعملها. وفي لفظ: بالذنب يصيبه».
ما فائدة الدعاء إذن؟
إذن ما فائدة الدعاء إن لم يرد القضاء؟، يقول الإمام الغزالي رحمه الله في تفسير ذلك:«إن من يسأل ما فائدة الدعاء مع أن القضاء لا مرد له؟.. عليه أن يعلم أن من جملة القضاء رد البلاء بالدعاء، فإن الدعاء سبب رد البلاء، ووجود الرحمة، كما أن البذر سبب لخروج النبات من الأرض، وكما أن الترس يدفع السهم، كذلك الدعاء يرد البلاء.. ويدخل في القدر بلا شك اختيار الزوجة، وأنه مكتوب عند الله تعالى منذ الأزل، ولكن المرء مطالب شرعًا بأخذ الأسباب التي جعلها الله مؤدية لاختيار الزوجة الصالحة، كما في الحديث الشريف: تنكح المرأة لأربع: لمالها ولحسبها وجمالها ودينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك».